وذَكَرَ بعضُ المحقِّقينَ: أنَّ في اعتبار الولاية بالوكالة نَظَرًا؛ لأِنَّ تعليقَ الوكالة بالموت لا تَصِحُّ، بخِلافِ الولاية، كما إذا عَهِدَ الإمامُ لآِخَرَ بَعْدَه، فإنَّه يَصِحُّ، فالأَوْلَى اعْتِبارُ الوِلايةِ بالوصيَّة؛ لأِنَّها تتعلق (١) بالموتِ لا الحياة (٢)، بخِلافِ الوكالة، فإنَّها (٣) لا تتعلَّق بالموت إجْماعًا، وتَبطُلُ به، فهي ضِدُّ الوكالة؛ لِصِحَّتها بَعْدَ الموت خاصَّةً، والوكالةُ لا تَصِحُّ إلاَّ في الحياة، فَهُمَا مُتَضادَّتانِ، فلا يَلزَمُ من صِحَّتها بَعْدَ الموت صِحَّتُها في الحياة، فإذا انْقَطَعَتْ وِلايَةُ العاهِدِ قَبْلَ مَوتِه بعَزْلِه أوْ جنونه (٤)؛ يَنبَغِي أنْ يَبطُلَ عَهدُه، كما لو زال ملْكُ الموصِي عن العَينِ الموصَى بِهَا قَبْلَ مَوتِه.
(وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ إِلاَّ فِي) تَصرُّفٍ (مَعْلُومٍ)؛ لِيَعلَم الموصَى إليه ما وُصِّيَ به إلَيهِ لِيَحْفَظَه ويَتصرَّفَ فيه، (يَمْلِكُ المُوصِي (٥) فِعْلَهُ؛ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَتَفْرِيقِ الْوَصِيَّةِ، وَالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْأَطْفَالِ)؛ لأِنَّ الوَصِيَّ يَتصرَّف بالإذن، فلم يَجُزْ إلاَّ في مَعْلُومٍ يَملِكُه الموصِي؛ كالوكالة، ولَيسَ هذا خاصًّا بالأطفال، بل ذُو الوِلاية إذا أَوْصَى إلى مَنْ يَنْظُرُ في أمْرِ أولادِهِ المجانِينِ ومَنْ لم يُؤنَسْ منه (٦) رُشْدٌ؛ صحَّ، بأنْ يَحفَظَ مالَهم، ويتصرَّفَ فِيهِ بالأحَظِّ، فأمَّا مَنْ لا (٧) ولايةَ له
(١) في (ح): تعليق. (٢) في (ح): لا لحياة. (٣) في (ح): فإن. (٤) في (ح): حياته. (٥) في (ح): الوصي. (٦) في (ظ): منهم. (٧) قوله: (لا) سقط من (ح).