(أَوْ مَعَ أَقَارِبِهِمَا)، وفي «الكافي» و «الشَّرح»: عَصَبَتِهما، (إِنْ مَاتَا، فَإِنْ أَلْحَقَتْهُ بِأَحَدِهِمَا؛ لَحِقَ بِهِ) في قَولِ الجَماهير.
وقال أصْحابُ الرَّأْي: لا حُكمَ للقافَة، ويُلحَقُ بالمدَّعِيَيْنِ جميعًا (١)؛ لأِنَّ الحُكمَ بها مَبْنِيٌّ على الشَّبَه والظَّنِّ، فإنَّ الشَّبَهَ يُوجَدُ بَينَ الأجانب، وينتفي (٢) بَينَ الأقارِبِ، وبدليلِ الرَّجُل الَّذي وُلِدَ له غُلامٌ أسْوَدُ، وقَولِه ﵇:«لعلَّه نَزَعَه عِرْقٌ»(٣)، ولو كان الشَّبَهُ كافِيًا؛ لَاكْتَفَى به في وَلَد الملاعَنة.
وحُجَّتنا: ما رواه الشَّيخانِ عن عائشةَ: أنَّ النَّبيَّ ﷺ دَخَلَ عَلَيها تَبرُقُ (٤) أسارير (٥) وَجْهِه، فقال: ««ألم تَرَيْ أنَّ مُجزِّزًا المُدلِجِيَّ نَظَرَ آنِفًا إلى زَيدٍ وأسامةَ، وقد غَطَّيا رؤوسَهما وبَدَتْ أقدامُهما (٦)، فقال: إنَّ هذه الأقْدامَ بعضُها من بعْضٍ» (٧)، وقَضَى به عمرُ بِحَضرة الصَّحابة (٨)، فكان إجْماعًا؛ ولأِنَّه يَرجِعُ (٩) بقَولِها كالبيِّنة، ويَدُلُّ عَلَيهِ قَولُه ﵇ في وَلَدِ الملاعَنَةِ:«لولا الأيْمانُ لكان لي ولها شَأْنٌ»(١٠)، فَحَكَمَ ﵇ به للذي أشْبَهَهُ مِنْهما، وحِينَئِذٍ فإذا انْتَفَى المانِعُ؛ وَجَبَ العملُ به؛ لوجود مُقْتَضِيهِ.
(١) ينظر: بدائع الصنائع ٦/ ٢٥٢، الهداية في شرح البداية ٢/ ٣١٥. (٢) في (ح): وينبغي. (٣) أخرجه البخاري (٥٣٠٥)، ومسلم (١٥٠٠)، من حديث أبي هريرة ﵁. (٤) في (ظ): يبرق. (٥) في (ح): أساوير. (٦) في (ح): أقدمهما. (٧) أخرجه البخاري (٣٥٥٥)، ومسلم (١٤٥٩). (٨) كما سيأتي قريبًا في كلام المصنف. (٩) هكذا في النسخ الخطية، والذي في الممتع ٣/ ١١٥: ترجح. (١٠) أخرجه أحمد (٢١٣١)، وأبو داود (٢٢٥٦)، بهذا اللفظ في قصة الملاعنة، من حديث ابن عباس ﵄، وهو في البخاري (٤٧٤٧)، بلفظ: «لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن».