وإنْ قال: دَعْهُ في مَكانِه، وأعْطِنِي أجرةَ ردِّه، أو طَلَبَ منه حَمْلَه إلى مكانٍ آخَرَ في غير طَريقِ الرَّدِّ؛ لم يَلزَم الغاصِبَ ولو كان أقربَ؛ لأِنَّه مُعاوَضةٌ.
ومَهْما اتَّفَقا عَلَيهِ من ذلِكَ؛ جازَ؛ لأِنَّ الحقَّ لهما.
(وَإِنْ خَلَطَهُ بِمَا يَتَمَيَّزُ (١)؛ كحِنْطَةٍ بشَعِيرٍ، وتَمْرٍ بزَبِيبٍ؛ (لَزِمَهُ تَخْلِيصُهُ)؛ أي: تَخْلِيصُ المتميِّز، (وَرَدُّهُ)؛ لأِنَّه أمْكنَه ردُّ مالِ غَيرِه، فلَزِمَه؛ كما لو لم يَخلِطْه بغَيرِه، وأُجْرَةُ ذَلِكَ عَلَيه، كأَجْر رَدِّهِ، فإنْ أَمْكَنَ تَميِيزُ بعضِه؛ وَجَبَ تَميِيزُ ما أمْكَنَ.
(وَإِنْ بَنَى عَلَيْهِ؛ لَزِمَهُ رَدُّهُ)؛ يعْنِي: إذا غَصَبَ شَيئًا، فَشَغَلَه بملْكِه؛ كَحَجَرٍ، أوْ خَشَبَةٍ بَنَى عَلَيها، أوْ خَيْطٍ خاطَ به ثَوبًا؛ لَزِمَه ردُّه وإن انْتَقَض البِناء، وتفصَّل الثوبُ؛ لأِنَّه مَغْصوبٌ أمْكَنَ ردُّه؛ فَوَجَبَ؛ كما لو لم يَبْنِ عَلَيهِ، (إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلِيَ)؛ لأِنَّه صارَ هالكًا (٢)، فَوَجَبَ قِيمَتُه؛ كما لو أتْلَفَه.