خلافٍ (١)؛ لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا﴾ [النُّور: ٥٩]، ولقوله ﵇:«وعن الصَّبِيِّ حتَّى يَحْتَلِمَ»(٢)، قال ابن المنذِر: أجْمَعُوا على أنَّ الفرائضَ والأحْكامَ تَجِب على المحتلِمِ العاقِلِ (٣).
(أَوْ بُلُوغِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً)؛ أي: استكمالها؛ لِما رَوَى ابن عمرَ قال:«عُرِضْتُ على النَّبيِّ ﷺ يَومَ أُحُدٍ وأنا ابنُ أرْبَعَ عَشْرَةَ سنةً، فلم يُجِزْنِي، وعُرِضْتُ عليه يَومَ الخندق وأنا ابنُ خمسَ عَشْرةَ سنةً، فأجازَنِي» متَّفقٌ عليه، ولِمسلِمٍ:«فاسْتَصْغَرنِي وردَّنِي مع الغلمان»(٤).
فإن قلتَ: بَينَ أُحُدٍ والخندق سنتانِ.
وجوابُه: أنَّ عَرْضَه يومَ أُحُدٍ كان في أوَّل سنة أربعَ عشرةَ، ويَومَ الخندق عند اسْتِكْمال خمسَ عشرةَ سنةً.
لا يُقال: إجازتُه يوم الخندق؛ لقوَّته لا لبلوغه؛ لأِنَّه صرح به (٥) في الخبر السَّابق، مع أنَّ رواية البَيْهَقِيِّ بإسْنادٍ حَسَنٍ:«ولم يَرَنِي بلغتُ»(٦)، رافعةٌ للسُّؤال، يؤيِّده: ما روى الشَّافِعيُّ: «أنَّ عمر بن عبد العزيز كتب إلى عُمَّاله: أن لا يَفْرِضُوا إلاَّ لِمَنْ بلغ خمسَ عشْرةَ سنةً»(٧).
(١) ينظر: مراتب الإجماع ص ٢٢. (٢) تقدم تخريجه ١/ ٤٤٨ حاشية (١). (٣) ينظر: الإجماع ص ١١٧. وكتب في هامش (ظ): (ويصح إقرار صبي أنه بلغ باحتلام إذا بلغ عشرًا، ولا يقبل بسن إلا ببينة). (٤) أخرجه البخاري (٢٦٦٤)، ومسلم (١٨٦٨). (٥) قوله: (به) سقط من (ظ). (٦) أخرجه البيهقي في الكبرى (١١٢٩٩)، وقال: (قال ابن صاعد: في هذا الحديث حرف غريب، وهو قوله: «ولم يرني بلغت»). (٧) أخرجه الشافعي في الأم (٤/ ١٦٤)، وأخرجه البخاري (٢٦٦٤) أيضًا. (٨) في (ح): كما.