قال في «الفروع»: (ويتوجَّه مثله لو نُسي، أو اشتبه من لزمه قود؛ فلا قَوَدَ، وفي الديَة بقرعةٍ الخلاف).
(وَيَجُوزُ عَقْدُ الْأَمَانِ لِلرَّسُولِ، وَالمُسْتَأْمِنِ)؛ لأِنَّه ﵇ كان يؤمِّن رسل المشركين، ولَمَّا جاءه رسل مُسَيْلِمةَ قال:«لولا أنَّ الرُّسُلَ لا تقتل لقَتَلْتُكم»(١)، ولأِنَّ الحاجةَ داعيةٌ إلى ذلك، إذ لو (٢) قتل لفاتت مصلحة المراسَلة. وظاهره: جوازُ عقْدِ الأمان لكلٍّ منهما، مطلقًا ومقيَّدًا، بمدة (٣) قصيرةٍ وطويلةٍ، بخلاف الهدنة، فإنَّها لا تجوز إلاَّ مقيَّدةً؛ لأِنَّ في جوازها مطلقًا تَرْكًا للجهاد.
(وَيُقِيمُونَ مُدَّةَ الْهُدْنَةِ)؛ أي: الأمان (بِغَيْرِ جِزْيَةٍ)، نَصَّ عليه (٤)، وقاله القاضي، وجزم به في «الوجيز»؛ لأِنَّه كافِرٌ أبيح له الإقامةُ في دارنا من غير التِزامِ جِزْيةٍ، فلم تلزمه؛ كالنِّساء. (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يُقِيمُونَ سَنَةً إِلاَّ بِجِزْيَةٍ)، واختاره الشَّيخُ تقيُّ الدِّين (٥)؛ لقوله تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التّوبَة: ٢٩].
(١) أخرجه أحمد (١٥٩٨٩)، وأبو داود (٢٧٦١)، والترمذي في العلل (٧١٥)، والطَّحاوي في شرح المشكل (٢٨٦٣)، والحاكم (٢٦٣٢)، عن نعيم بن مسعود الأشجعي، وسنده حسن، وله شاهدٌ من حديث ابن مسعود ﵁: أخرجه الطيالسي (٢٤٨)، وأحمد (٣٧٦١)، وفي سنده عبد الرّحمن بن عبد الله المسعودي، صدوق اختلط قبل موته، لكنه هنا متابعٌ، وحسنه البخاري والهيثمي وأحمد شاكر، وصحّحه الحاكم والذهبي والألباني. ينظر: البدر المنير ٩/ ٩١، مجمع الزوائد ٥/ ٣١٤، الإصابة ٧/ ٢٠٨، صحيح أبي داود ٨/ ١٠٣. (٢) قوله: (إذ لو) هو في (أ): ولو. (٣) في (أ): مدة. (٤) ينظر: الفروع ١٠/ ٣٠٩. (٥) ينظر: الفروع ١٠/ ٣٠٩.