على المبارزة فيظفَر به العدوُّ، فتنكسِر قلوب المسلمين، بخلاف ما إذا أَذِن، فإنَّها لا تكون إلاَّ مع انتفاء المفاسد، وقد ورد في النَّصِّ ما يدلُّ عليه؛ فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ﴾ [النُّور: ٦٢]، لكن نَصَّ أحمد (١): إذا كان مَوْضِعًا مَخُوفًا لا ينبغي أن يأذن لهم (٢).
وظاهِرُه: أنَّ المبارزة (٣) بغير إذنه حرامٌ، وفي «المغني» و «الشَّرح»: الكراهةُ، وحكاه الخطابيُّ عن أحمد وغيره (٤)، ومحلُّه: ما لم يَفْجأْهم العدوُّ، قاله في «الوجيز».
(فَإِنْ دَعَا كَافِرٌ)، وفي «البلغة»: مطلقًا، (إِلَى الْبِرَازِ)، بكسر الباء: عبارةٌ عن مخاصمة العدوِّ، وبفتحها: اسمٌ للفضاء الواسع؛ (اسْتُحِبَّ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ وَالشَّجَاعَةَ مُبَارَزَتُهُ بِإِذْنِ الْأَمِيرِ)؛ لمبارزة الصَّحابة في زمن النَّبيِّ ﷺ ومن بعده، قال قَيسُ بن عباد: «سمعت أبا ذر يُقسِم قسمًا في قوله تعالى: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ [الحَجّ: ١٩]: أنَّها نزلت في الذين بارزوا يوم بدر: حمزةَ، وعليٍّ، وعُبَيدةَ بن الحارِث، وعُتبة وشَيبة ابني (٥) ربيعة، والوليد بن عتبة» متَّفقٌ عليه (٦)، قال عليٌّ:«نزلت هذه الآية في مبارزتنا يوم بدرٍ» رواه البخاريُّ (٧)، وكان ذلك بإذنه ﵇، و «بارَز البَرَاء بن مالك
(١) قوله: (أحمد) سقط من (ح). (٢) ينظر: الفروع ١٠/ ٢٥١. (٣) في (ح): المبادرة. (٤) ينظر: معالم السنن ٢/ ٢٧٩. (٥) في (ب) و (ح): ابن. (٦) أخرجه البخاري (٣٩٦٨)، ومسلم (٣٠٣٣). (٧) أخرجه البخاري (٣٩٦٧).