وعمومُ كلامه يقتضِي تحريمَ التَّفريق بين كلِّ ذي رَحِمٍ مَحْرَمٍ؛ كالعمَّة مع ابن (١) أخيها، جزم به في «الوجيز»، وقاله الأكثرُ.
قال في «الشَّرح»: والأَوْلى جواز التَّفريق؛ لأِنَّ الأصلَ حِلُّ البيع والتَّفريق، ولا يَصِحُّ إلحاقُهم بمَنْ سبق.
(إِلاَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى إِحْدَى (٢) الرِّوَايَتَيْنِ)، هي ظاهر «الوجيز» وغيره؛ لِمَا رَوَى عبادةُ بنُ الصَّامِتِ: أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: «لا يُفرَّق بين الوالدة وولدها» قيل: إلى متى؟ قال:«حتَّى يَبلُغَ الغُلامُ، وتَحيضَ الجاريةُ»(٣)، ولأِنَّ الأحرارَ يتفرَّقون بالتَّزويج بعد البلوغ، فالعبيد (٤) أَوْلَى.
والثَّانيةُ: المنعُ؛ لعموم ما ذكرنا، وهو ظاهر الخِرَقِيِّ في الولد؛ لأنَّ الوالدة تتضرَّر بمفارقة ولدها الكبير (٥)، ولهذا حرُم عليه الجهاد إلاَّ بإذنهما.
وعلى المنع: فيستثنى التَّفريق بالعتق، وافتداء الأسرى، وسيأتي في البيع إذا ملك أختَين.
(١) قوله: (مع ابن) في (ب) و (ح): وبني. (٢) في (ب) و (ح): في أحد. (٣) أخرجه الدارقطني (٣٠٤٩)، والحاكم (٢٣٣٥)، وفي سنده: عبد الله بن عمرو بن حسان الواقعي، رماه ابن المديني بالكذب، وقال أبو زرعة: (ليس بشيء، ضعيف كان لا يصدق)، وضعفه الدارقطني، وصحح حديثه الحاكم، وتعقبه الذهبي، فقال: (موضوع، وابن حسان كذاب)، وفي البابِ أحاديثُ أخر كلُّها إمِّا واهيةٌ أو فيها مقالٌ، قال البيهقي: (ولا يثبتُ عن النبيِّ ﷺ في ذلك شيء). ينظر: السنن الصغير للبيهقي ٣/ ٤١٠، نصب الراية ٤/ ٢٣، البدر المنير ٦/ ٥٢٠، لسان الميزان ٤/ ٥٣٣. (٤) في (ح): فالعبد. (٥) قوله: (الكبير) سقط من (ب) و (ح). والمثبت موافق لما في المغني ٩/ ٢٦٥.