واصْطِلاحًا: ما يَلزَمُ من عدمه العدمُ، ولا يَلزَمُ من وُجودِه (١) وُجودٌ ولا عَدَمٌ.
(لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ كُلِّهَا)، بغيرِ خِلافٍ نعلمُه؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البَيّنَة: ٥]، والإخلاصُ مَحْضُ النِّيَّةِ، وقد صحَّ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال:«إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ»، وأكَّدهُ بقوله:«وإنَّما لامْرِئٍ ما نَوَى»(٢)، وقوله:«لا عملَ إلَّا بِنِيَّة»(٣)، ولأنَّ الوُضوءَ عِبادةٌ؛ لقوله ﵇:«الطُّهور شَطرُ الإيمانِ» رواه مسلم (٤)، وأخبر أنَّ الخطايا تَخرجُ بالوُضوءِ، وكلُّ عبادة لا بدَّ لها من نيَّة.
فالعِبادةُ: ما أُمِر به شرْعًا من غير اطِّرادٍ عُرْفِيٍّ، ولا اقتِضاءٍ عقْليٍّ.
قِيل لأبي البَقاءِ: الإسلامُ والنِّيَّةُ عبادتان، ولا يَفتقِرانِ إلى النِّيَّةِ؟ فقال: الإسلامُ ليس بعبادةٍ؛ لصدوره من الكافرِ، وليس من أهلها، سَلَّمنا، لكن صحَّ للضرورة؛ لأنَّه لا يصدر إلَّا من كافرٍ، وأمَّا النِّيَّة فَلِقطْع التَّسلْسُل.
وذكَرَ بعضُ أصحابنا عن طوائِفَ من العُلَماءِ: أنَّه ليس من شرْط العبادة النِّيَّةُ؛ بدليل السِّتارةِ، واستقبالِ القِبلةِ، وهما شَرْطانِ للعبادةِ.
وأُجيب: بأنَّهما يُوجدان في جميع الصَّلاة لوجودِهما قبلها، فنيَّةُ الصَّلاةِ
(١) قوله: (وجوده) سقطت من (أ). (٢) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧)، من حديث عمر بن الخطاب ﵁. (٣) أخرجه البيهقي في الكبرى (١٧٩)، من حديث أنس ﵁، قال ابن حجر: (وفي سنده جهالة)، وجاء موقوفًا على عمر ﵁، بسند منقطع، ذكره ابن رجب. ينظر: جامع العلوم والحكم (ص ٦٨)، التلخيص الحبير ١/ ٤٠٠. (٤) أخرجه مسلم (٢٢٣)، من حديث أبي مالك الأشعري ﵁.