(وَحَدُّ حَرَمِهَا): ما بين لابتَيها؛ لما روى أبو هريرةَ مرفوعًا:«ما بين لابتَيها حرامٌ» متَّفقٌ عليه (١)، اللابة: الحَرَّة، وهي أرض بها حجارةٌ سُودٌ، قال أحمد:(ما بين لابتيها حرامٌ، بريدٌ في بريدٍ)(٢)، وكذا فسَّره مالك بن أنس (٣)، وهذا حدُّها من جهتي المشرق (٤) والمغرب، ومن روى:«اللهم إني أُحرِّم ما بين جبليها»(٥)؛ فالمراد به من جهتي الجنوب والشَّمال.
والمؤلف نبَّه بقوله (٦): (مَا بَيْنَ ثَوْرٍ إِلَى عَيْرٍ)؛ لما روى علي (٧) أن (٨) النَّبيَّ ﷺ قال: «حرم المدينة ما بين ثَور إلى عَير» متَّفقٌ عليه (٩)، قال عياض:(أكثر رواة (١٠) البخاري ذكروا عَيرًا، فأما ثور فمنهم من كنَّى عنه بكذا، ومنهم من ترك مكانه بياضًا (١١)؛ لأنَّهم اعتقدوا ذكر ثَور خطأ) (١٢)، قال أبو عبيد:(أصل الحديث: «من عَير إلى أُحُدٍ» (١٣).
(١) أخرجه البخاري (١٨٧٣)، ومسلم (١٣٧٢). (٢) ينظر: زاد المسافر ٢/ ٥٥٨. (٣) ينظر: الاستذكار ٨/ ٢٣٥. (٤) في (د) و (ز): الشرق. (٥) أخرجه البخاري (٥٤٢٥)، ومسلم (١٣٦٥)، من حديث أنس ﵁. (٦) في (و): لقوله. (٧) قوله: (علي) سقط من (ب) و (و). (٨) في (و): عن. (٩) أخرجه البخاري (٦٧٥٥)، ومسلم (١٣٧٠). (١٠) في (و): رواية. (١١) قوله: (بياضًا) سقط من (أ). (١٢) ينظر: مشارق الأنوار ١/ ١٣٦. (١٣) ينظر غريب الحديث ١/ ٣١٥. والحديث أخرجه أحمد (٢٣٧٨٠)، والطبراني في الكبير (٤٠٨)، ولفظ أحمد: عن عبد الله بن سلام، قال: «ما بين كذا وأحد حرام، حرمه رسول الله ﷺ»، وعند الطبراني: «ما بين عير وأحد حرام»، وفي سنده: عبيد الله بن خنيس وهو مجهول، والراوي عنه فضيل بن سليمان، أكثر العلماء على تضعيفه، وأخرج البخاري (١٨٦٧)، ومسلم (١٣٦٦)، من حديث أنس ﵁ مرفوعًا: «المدينة حرم من كذا إلى كذا»، واختلف العلماء في إثبات جبلي عير وثور، فقال ابن حجر: (واتفقت روايات البخاري كلها على إبهام الثاني، ووقع عند مسلم إلى ثور فقيل: إن البخاري أبهمه عمدًا لما وقع عنده أنه وهم .... والأصل في هذا التوقف قول مصعب الزبيري: ليس بالمدينة عير ولا ثور، وأثبت غيره عيرًا ووافقه على إنكار ثور). ينظر: شرح النووي على مسلم ٩/ ١٤٣، الفتح ٤/ ٨٢.