المنْعُ، نصره القاضي وابنه، وجزم به أبو الخطَّاب وابن البنَّاء في كتب الخلاف؛ لأنَّ ما حرم إتلافه بنفسه؛ حرم أن يرسل عليه ما يتلفه كالصيد، وعكسه الإذخر.
والثَّانية: الجواز، اختاره أبو حفص العكبري؛ لأن الهدايا كانت تدخل الحرم فتكثر فيه، فلم ينقل سدُّ أفواهها، وللحاجة إليه كالإذخر.
وفي تعليق القاضي: الخلاف إن أدخلها للرَّعي، فإن أدخلها لحاجته؛ فلا ضمان.
وفي «المستوعب» إن احتشَّه لها فكَرَعْيِه.
(وَمَنْ قَلَعَهُ)؛ أي: شجرَ الحرم وحشيشَه؛ (ضَمِنَ)، نقله الجماعةُ (١)، وقاله الأكثر، (الشَّجَرَةَ الْكَبِيرَةَ: بِبَقَرَةٍ)، جزم به جماعةٌ؛ لما روي عن ابن عبَّاسٍ:«في الدَّوحة: بقرةٌ، وفي الجَزْلَة: شاةٌ»(٢)، وقاله عَطاءٌ (٣)، والدَّوحة: الشَّجرة العظيمة، والجَزْلَة: الصَّغيرة؛ وكالمتوسطة.
وعنه: في الكبيرة بدنة.
(وَالْحَشِيشَ) والوَرَق؛ (بِقِيمَتِهِ)، نَصَّ عليه (٤)؛ لأنَّ الأصلَ وجوبُ
(١) ينظر: مسائل ابن هانئ ١/ ١٥٤، مسائل عبد الله ص ٤٤٦، زاد المسافر ٢/ ٥٧٥. (٢) ذكره القاضي في التعليقة ٢/ ٤٣٣، والمغني ٣/ ٣٦١ وغيرهما، عن ابن عباس ﵄، ولم نقف عليه، وكذا لم يقف عليه ابن الملقن كما في البدر المنير ٦/ ٤٠٩، وابن حجر كما في التلخيص ٢/ ٦٠١، والألباني كما في الإرواء ٤/ ٢٥٢. وأخرج الفاكهي في أخبار مكة (٢٢٣٣)، من طريق حمزة بن عتبة، قال: حدثني غير واحد من مشيخة أهل مكة: «أن مما رخصوا في قطع شجر الحرم إذا اضطروا إلى قطعه في منازلهم، ويدونه، أن عبد الله بن الزبير ﵄ لما بنى دوره بقعيقعان قطع شجرًا كانت في دوره، ووداه كل دوحة ببقرة»، وإسناده ضعيف، حمزة بن عتبة لا يُعرف، وحديثه منكر كما في الميزان ١/ ٦٠٨، ويروي عن مبهمين. (٣) أخرجه ابن أبي شيبة (١٣٩٤٩)، والفاكهي (٢٢٢٨)، وإسناده صحيح (٤) ينظر: الفروع ٦/ ١٣.