إذا علمت ذلك؛ فما ذكرناه من اشتمال كليات الشرع وجزئياته على المصالح وانقسامها إلى ما يلوح للعباد وإلى ما يخفى عليهم: لا خلاف فيه.
ولكن اختلفوا وراء ذلك في القياس الشرعي، وأنه من مدارك الأحكام أو من القول بالشبه المحض.
والذين ردوا القياس اختلفوا فيه:
فقيل: لا يجوز ورود التعبد به أصلا.
وقيل: يجوز، ولكن يمتنع ورود التعبد.
قال - أي إلكيا -: ويمتنع ورود التعبد بالقياس في جميع الحوادث؛ لأنه لا بُدَّ من أصول تُعلَّل وتُحمل الفروع عليها، ولهذا قلنا: إنَّه مظنون من حيث إِنَّ جهات المصالح مغيبة عنا، فلا وصول إلى المعنى الواحد من بين المعاني على وجه يُعلم أنه الأصلح دون ما سواه قطعا، ولأجله تفاوتت الآراء.
وإنَّما اعتبرنا الأصول السمعية لصحة القياس؛ لأنه لا يجوز رد الفرع إلى الأصول العقلية، ولا يجوز أن يتوصل إلى أحكامها بالأمارات التي يتوصل بمثلها إلى مصالح الدُّنيا؛ لأنَّ لها أمارات معلومةً بالعادة. انتهى». «البحر المحيط»(٥/ ١٢٦ - ١٢٨)
فصل في ذكر شروط العِلَّة
نقل الزركشي ضمن الشرط السادس من شروط العِلَّة وهو أن تكون مطردة، أي كلما وجدت وُجد الحكم ليسلم من النقض والكسر - عن جمهور