للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخرون: يُعتد بخلافه.

فَصْلُ (١)

يجوز أن ينقص عددُ المجمعين عن عدد أهل التواتر (٢).

ومن النَّاسِ مَنْ قال: لا يجوز أن ينقص أهل الإجماع عن عدد أهل التواتر؛ لأنَّ الله تعالى ضمن حفظ الدين، فقال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لحَافِظُونَ﴾ (٣).


= واستشكل بأن المجتهد الفاسق لا يجوز له تقليد غيره، فانعقاد الإجماع في حقه مشكل، ولا يمكن تجزئة الإجماع، حتى يكون حجة في حق غيره، ولا يكون حجة في حقه، واستحسنه إلكيا، وقال: «المسألة محتملة». «البحر المحيط» (٤/ ٤٧٠).
(١) انظر: «البرهان» (١/ ٤٤٣)، «المنخول» (ص ٣١٣)، «الأوسط» (ص ٩٨)، «الوصول» (٢/ ٨٣).
(٢) نقل الزركشي عن إلكيا مسألة متعلقة بهذه المسألة، وهي أنه إذا لم يبق إلا مجتهد واحد، فهل قوله حجة كالإجماع؟ فنقل عنه ما نصه: «وقال إلكيا: المسألة مبنية على تصور اشتمال العصر على المجتهد الواحد، والصحيح تصوره، وإذا قلنا به، ففي انعقاد الإجماع بمجرد قوله خلاف، وبه قال الأستاذ أبو إسحاق. قال: والذي حمله على ذلك أنه لم ير في اختصاص الإجماع بمحل معنى يدل عليه، فسوى بين العدد والفرد. وأما المحققون سواه فإنهم يعتبرون العدد، ثم يقولون المعتبر عدد التواتر، فإذن مستند الإجماع مستند إلى طرد العادة بتوبيخ من يخالف العصر الأول، وهو يستدعي وفور عدد من الأولين، وهذا لا يتحقق فيما إذا لم يكن في العصر إلا مجتهد واحد، فإنه لا يظهر فيه استيعاب مدارك الاجتهاد. قال: وينشأ من هذا خلاف في مسألتين إحداهما: أن الصحابة إذا أجمعوا على قول وانفرد واحد منهم بخلاف، والمجمعون عدد التواتر، فهل ينعقد الإجماع دونه؟ فقيل: لا يعتد بخلاف الواحد. وهو مذهب ابن جرير. والصحيح أنه يعتد بخلافه إن كان استناد الإجماع إلى قياس، إذ لا يبعد أن يقال: الجماعة إذا ابتدروا أجلى القياس وظهر الواحد منهم بقياس غامض يخالف فيه. نعم إن قطعوا في مظنة الظن، فأهل التواتر لا يقطعون في مظنة الظن إلا بقاطع، ثم ذلك القاطع لا بد وأن يظهر للمخالف. الثانية: أن إجماع أهل سائر الأعصار، هل يكون حجة؟ وفيه خلاف، والأكثرون على التسوية بين إجماع الصحاب ومن عداهم، خلافا لداود». «البحر المحيط» (٤/ ٥١٦ - ٥١٧).
(٣) الحجر: ٩.

<<  <   >  >>