الدليل صادمًا له ورافعا لمذهبه: أحدث مذهبًا، [فقال]: «إذ يقال (١): «إنَّ الإمام لا يجب عليه أخذ الصدقة من هذه الأشياء، وإنَّما الواجب على ربِّ المال أن يفرقها بنفسه، بخلاف سائر الزكوات»».
فَصْلٌ (٢)
ومما يُخص به العموم أيضا: دليل الخطاب.
على القول الذي نقول إنَّه حُجَّةٌ: فهو كسائر الأدلة التي يُخص بها العموم، وذلك مثل أن يقول:«أكرم الناس جميعًا؛ مَنْ دخل الدار منهم». دليل خطاب هذا اللفظ يقتضي أنَّ من لا يدخل: لا يستحق الإكرام، ولم يكن ذلك في اللفظ.
فنقول: اجتمع دليلان أحدهما خاص، والآخر عام، فقدم الخاص على العام، فيُغلّب (٣) الخاص؛ وبهذا استدلَّ الشَّافعي على مَنْ ادَّعى وجوب الزكاة في المعلوفة لعموم قوله:«في الماشية صدقة» أو «في النعم زكاة»(٤). فقال الشَّافعي:«بلى، ولكن صح أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال: «في سائمة الغنم زكاة»(٥)، فلمَّا
(١) في الجواب عن ذلك الدليل. (٢) انظر: «التقريب» (٣/ ٢٥٦)، «المستصفى» (٢/ ٧٧٦). (٣) في المخطوط: (فتعلّق)، ولعل الصواب ما أثبت. (٤) لم نجدهما، وانظر تخريج الحديث الآتي. (٥) غير موجود بهذا اللفظ، بل هو مروي بالمعنى. قال ابن الصلاح: «أحسب أن قول الفقهاء والأصوليين: في سائمة الغنم الزكاة، اختصار منهم»، أخرج معناه البخاري (١٤٥٤)، وأبو داود (١٥٦٧) وغيرهما ضمن حديث طويل عن أنس. وانظر: «التلخيص الحبير» (٣/ ١٣٠٩)، «الهداية في تخريج أحاديث البداية» (١/ ٨٣).