• وكذلك: الحديث المروي عنه: «أنَّ الميّت ليُعذَّب ببكاء أهله»، لما قيل لعائشة أن أبا هريرة يروي هذا، فقالت: إنَّما مر بقبر كافر وأهله يبكون عليه [فقال]: «إِنَّ الميّت ليُعذب وأهله يبكون عليه»(١).
فَصْلٌ (٢)
• اعلم أنَّ أخبار الآحاد إذا رواها الثقات؛ فإنَّها لا توجب العلم واليَقين (٣).
= زناً، فقال: «ولد الزنا شر الثلاثة»، يعني ذلك الرجل». (١) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٢٨٥٥) عن عروة بن الزبير، قال: بلغ عائشة ﵂: أن أبا هريرة يقول: إن رسول الله ﷺ قال: «لأن أمتع بسوط في سبيل الله، أحب إلي من أن أعتق ولد الزنا»، وإن رسول الله ﷺ قال: «ولد الزنا شر الثلاثة»، «وإن الميت يعذب ببكاء الحي». فقالت عائشة: رحم الله أبا هريرة أساء سمعاً فأساء إصابةً؛ أما قوله: «لأن أمتع بسوط في سبيل الله، أحب إلي من أن أعتق ولد الزنا» أنها لما نزلت: ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ • وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ﴾، قيل: يا رسول الله، ما عندنا ما نعتق إلا أن أحدنا له جارية سوداء تخدمه، وتسعى عليه، فلو أمرناهن فزنين، فجئن بالأولاد فأعتقناهم، فقال رسول الله ﷺ: «لأن أمتع بسوط في سبيل الله أحب إلي من أن آمر بالزنا، ثم أعتق الولد». وأما قوله: ولد الزنا شر الثلاثة فلم يكن الحديث على هذا، إنما كان رجل من المنافقين، يؤذي رسول الله ﷺ فقال: «من يعذرني من فلان؟» قيل: يا رسول الله، مع ما به ولد زنا، فقال رسول الله ﷺ: «هو شر الثلاثة»، والله ﷿ يقول: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾. (٢) انظر: «مسائل الخلاف» (ص ٢٠٨)، «التبصرة» (ص ٢٩٨)، «البرهان» (١/ ٣٩٢)، «المنخول» (ص ٢٥٢). (٣) نقل الزركشي عن إلكيا في مسألة خبر الواحد والطائفة المحصورة إذا أجمع الفقهاء على قبوله والعمل به أنه يدل على الصدق قطعاً، ونقله إلكيا عن الأكثرين، لكنه اختار أنه يفيد غلبة الظن. ونقل الزركشي بعد ذلك عنه ما نصه: «وقال إلكيا الطبري: فأما إذا اجتمعت الأمة على العمل بخبر الواحد لأجله، فهذا هو المسمى مشهورا عند الفقهاء، وهو الذي يكون وسطه وآخره على حد التواتر، وأوله منقول عن الواحد، ولا شك أن ذلك لا يوجب العلم ضرورة، فإنه لو أوجبه=