للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكفَّارة عليه مع هذا الاحتمال يقتضي كونَ الحُكم عاما في المواضع؛ سواءً كان الجماع هو الذي أفطر به أو غيرُه، فيكون كأنه صلى الله عليه صرَّح بلفظ عام ابتداءً فقال: «من أفطر فعليه كفَّارةٌ»؛ فإنَّه يُحمل على العموم في حق كلِّ من أفطر؛ فكذلك في المثال الذي ذكرناه؛ لأنه لم يستفصل عن الحال عند السؤال.

فهذا عام لا من جهة اللفظ (١)، بل بقرينة [حال] الرسول صلى الله عليه؛ حيث لم يستفصل، ولم يسأل عن حقيقة الحال؛ فإنَّ هذا وقت الحاجة، ولا يجوز له صلى الله عليه أن يؤخّر البيان عن وقت الحاجة؛ فلما أمسك، عُلم أنَّ الحكم لا يختلف، بل هو عام، والعموم المتلقّى من حاله لا يجوز أن يُضاف إلى اللفظ الذي لا دلالة فيه على العموم (٢).

فَصْل (٣)

ومما يلحق بالعام أيضا:

إذا سأل سائل النَّبيَّ صلى الله عليه عن حكم خاص في حق نفسه، وعن شيء وقع له، وواقعة حدثت له، فيجيبه صلى الله عليه، فيقول: «عليك كذا وكذا» ــ كما قال للمجامع: «أعتق رقبة» (٤):


(١) هذا القول حكاه الزركشي عن إلكيا، وجعله مذهبا مستقلا في المسألة، حيث قال: «والثالث: أنه
ليس من أقسام العموم، بل إنما يكفي الحكم فيه من حاله ، لا من دلالة الكلام، وهو قول
إلكيا الهراسي». «البحر المحيط» (٣/ ١٤٩).
(٢) كتب على الطرة بمحاذاتها بقلم أحمر: «أصحاب أبي حنيفة يخالفون هذا». وكتب بعدها بالسواد:
قالوا: إن كان النَّبيُّ عالما بالحال: لم يكن الحكم عاما، وإن لم يكن عالما بالقضية: اقتضى
العموم، والظاهر أنها من إضافات الناسخ.
(٣) انظر: «البرهان» (١/ ٢٣٨)، «المنخول» (ص ١٥٠).
(٤) أخرجه البخاري (٦١٦٤) من حديث أبي هريرة.

<<  <   >  >>