وقد بنى الفقهاء على ذلك مسألة فقهيَّةً، فقالوا: لو أنَّ الرَّجل كان مخالطاً لأهله في ليل شهر رمضان، ثُمَّ طلع عليه الفجر وهو مخالط؛ فإنَّه يجب عليه النزع، وهو مأمور به؛ فنزع، فإلى أن يستكمل النزع فهو مخالط مواقع مجامع، فهل يكون عاصيا بالنزع أم لا؟
اختلف الناس في ذلك:
* فمذهب أهل الجماعة: أنه لا يكون عاصيا؛ لأنَّ هذا الفعل متردد بين أن يكون مباحاً وبين أن يكون واجبًا؛ فأيهما كان: فلا وجه للتأثيم.
* ومن الناس من قال: إنَّه يكون عاصياً، والفعل يكون معصيةً؛ لأنَّه مخالط بعد الفجر.
مسألة مشكلة (٢)
وهي أن يقال: إذا علم قطعاً أنَّ الفجر يطلع عليه وهو مخالط؛ بأن يُخبره نبي صادق أنه قد بقي من الليل زمان لا يمكنه أن يخالط فيه، فلا ينزع إلا مع الفجر؛ فإنه إذا جامع وطلع عليه الفجر فنزع: فهل يأثم إلى أن يستكمل النزع؟ وهل تحرم عليه المخالطة أم لا؟
فنقول: الأمر فيه متردد (٣): يحتمل أنه لا يحرم عليه ذلك ولا يأثم؛ ويحتمل
(١) انظر: «تحصين المآخذ» (٢/ ٦٣)، «الفنون» (١/ ١١١ - ١١٢) فقرة ١٥٦. (٢) يظهر لنا أن هذه مسألة افتراضية؛ قارن مع «الوصول» (١/ ١٩٦). (٣) الرسم مشتبه في المخطوط، وقد اجتهدنا في قراءتها.