- ومن ذلك أيضا ما صح عنه (١) أنه قال: «إنَّ لمس ذوات المحارم لا ينقض الوضوء»، فقيل له: أليس قد قال الله تعالى: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ (٢)، وهذا قد لمس، فيجب أن ينتقض وضوؤه؟ فقال:«نعم؛ إِلَّا أَنَّ الله تعالى استاق اللمس في استياق الأحداث الناقضة من خروج الخارج وغيره، وذكر اللمس لأنَّه أمر قد يتعقبه خروج الخارج في العادة، فالظاهر في هذا المحل أنَّه إنَّما أراد في هذا المحل اللمس المجرَّدِ للشَّهوة، وهذا إنَّما يتحقق في لمس غير المحرمات؛ فأَمَّا لمسهن، فلا؛ وهذا أمر يلوح مقترناً بسماع اللفظ ومعرفة الاستنباط»(٣).
فصل معقود في أفعال رسول الله صلى الله عليه؛ هل يُخص بها العموم أم لا؟ (٤)
اعلم أنَّ الناس اختلفوا في أفعال رسول الله صلى الله عليه؛ هل يُخص بها أم لا؟
وليس الكلام في الفعل الصادر من رسول الله صلى الله عليه المنقول آحادًا، وإنما الكلام فيما نُقل ورُوي عنه تواترا؛ لأنَّه إذا كان أحادا ولا صيغة له يُفصح بالمقصود: فهو مطَّرَحُ.
(١) أي: عن الإمام الشافعي. (٢) النساء: ٤٣، المائدة: ٦. (٣) ينظر: «بحر المذهب» (١/ ١٤٦)، «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (١/ ١٨٠). (٤) انظر: «المستصفى» (٢/ ٧٧٨)، «الوصول» (١/ ٢٦٠).