إذا ثبت أن معرفة الحال لا بُدَّ منها، وأنَّ العدالة شرطٌ؛ فقد اختلف الناس في الجرح والتعديل:
قال الشافعيُّ:«يقول: هو عدلٌ لي وعليَّ»(٢)، والجرح لا يكفي دون أن يصرح ويفسر ذلك.
ومذهب الشافعيُّ: لا فرق بين الشهادة وبين الخبر والرواية.
وقال القاضي أبو بكر:«الأمر على الضّدّ ممّا قاله الشافعيُّ؛ فالجرح يقبل مطلقا، والعدالة لا تُقبل مطلقا»(٣).
(١) انظر: «البرهان» (١/ ٣٩٩)، «المنخول» (ص ٢٦٥). (٢) انظر: «التلخيص» (٢/ ٣٦٣)، «الكفاية» للخطيب (ص ٨٤). (٣) انظر: «البحر المحيط» (٤/ ٢٩٤). ١ - ومن الأقوال في المسألة: أن المزكي إن كان عالما بأسباب الجرح والتعديل: اكتفي بإطلاقه فيهما؛ وإن لم يعرف اطلاعه على شرائطهما: استُخبر عن أسبابهما؛ حكاه إلكيا عن شيخه إمام الحرمين مع تعقبه إياه. فقال الزركشي: حكاه إلكيا الطبري عن إمام الحرمين بلفظ: إن كان لا يطلق التعديل إلا بعد استقصاء، - كمالك -: فمطلق تعديله كاف؛ وإن كان من المتساهلين: فلا. ثم قال: ويرد عليه أنه إذا كان من العالمين بشرائط العدالة فالظن أنه استقصى، وتقدير خلاف ذلك فيه نسبة إلى مخالفة الشرع. فإن علم من حاله ذلك، وإلا فليس هو من أهل التعديل. وكلامنا في التعديل المطلق فيمن هو من أهل التعديل؛ فإن من الناس من يقول: هو وإن كان من أهل التعديل إلا أنه عرضة للغلط، فلا بد وأن يبين لنا المستند؛ لئلا نكون مقلدين غير معصوم، وهذا هو الأصل إلا أن يسقط اعتباره. والإمام يقول: المعتبر غلبة الظن متى حصلت، وإذا لاح لنا من حال مثل مالك أنه لا يتساهل، حصلت غلبة الظن، فيقال: غلبة الظن لا بد أن تستند إلى ضابط الشرع الواضح، وقد روينا من روى عنه مالك في الموطا، وقد طعن فيه غيره، مثل عبد الله بن أبي بكر، فإنه من رجال الموطا، وقد قدح فيه سفيان بن عيينة، فلا بد من بيان حاله إلا أن يتضمن =