قال إلكيا:«زعم القاضي أنَّ النسخ رفع، وإنَّما يستقيم إذا جعلنا النَّصَّ الأول موجِبًا حقيقةً تاما، والموجب هو الله تعالى، والوجوب باقتضائه؛ فقد تبين انتهاء الأول في علم الله بالنسخ بأمر يخالف الأمر الأول، ويستحيل تقدير وضع أمرين متناقضين في زمانٍ واحدٍ». «البحر المحيط»(٤/ ٦٧).
• هل النسخ يستلزم البداء؟
قال الزركشيُّ: «وقال إلكيا: لا يستلزم البداء؛ لأنَّ النسخ هو النَّصُّ الدَّالُّ على أنَّ مثل الثابت زائل في الاستقبال، وذلك يقتضي أنَّ الفعل المأمور به غير المنهي عنه، وأن وقت المنهي عنه غير وقت المأمور به. وبنوا (١) على هذا الأصل أن نسخ الفعل قبل وقت إمكانه غير جائز».
وأما الأشعرية؛ فجوزوه بناءً على أنَّ الذي أمر به لمصلحة، والذي نهى عنه لمفسدة، لا أنَّه أمر به ونهى عنه عبئًا، وتقدير النهي بعد الأمر قبل إمكان الأول ضرب من البداء، وغاية ما تمسكوا به أنَّ الأمر بالفعل مشروط ببقائه أو مشروط بانتفاء النهي. فإذا نهي عنه فقد زال الشرط بعد نهيه عن الفعل غير الوجه الذي أمر به. وليس كما إذا قال:«أمرتكم بكذا وكذا. ونهيتكم عنه» متصلا به؛