فنقول: من المحتمل أن يكون ذلك بعد وفاة شيخه وهو في نيسابور، ويحتمل أن يكون في بيهق بعد خروجه من نيسابور، وهذا أقرب، ويشهد له سياق كلام ابن عساكر (ت ٥٧١ هـ)، حيث قال:«ثُمَّ اتصل بعد موت إمام الحرمين بمجد الملك في زمان بركياروق وحظي عنده، ثُمَّ خرج إلى العراق … .».
[المرحلة الرابعة:(من سن ٤٢ إلى ٥٤) العطاء العلمي]
خرج إلكيا من بيهق، وقدم بغداد سنة ٤٩٢ هـ، وتولَّى التدريس بالمدرسة النظامية في سنة ٤٩٣ هـ، واجتمع عليه الفقهاء، وقصده الطلبة من البلاد، وارتفع قدره وعلا شأنه وعظم جاهه؛ حتى أنَّ الوزير سعد الملك (ت ٥٠٠ هـ) لما زار المدرسة النظامية، حضر درسه ليرغب الناس في العلم.
ولم يزل على التدريس إلى حين وفاته (١)، ثُمَّ خلفه بعد وفاته في تدريس النظامية أبو بكر الشاشي المعروف بالمستظهري (ت ٥٠٧ هـ).
وكان في خدمة إلكيا بالمدرسة النظامية أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان الغزي الأشهبي (ت ٥٢٤ هـ) - الشاعر المشهور (٢)، وقد رثاه ارتجالاً على ما حكاه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»(٣).
وبهذا ينتهي الحديث عن نشأته العلمية باختصار، وهي حافلة بالتعليم
(١) مع الإشارة إلى أن تدريسه في النظامية كانت عشر سنوات تقريبا، وفي سنة ٤٩٥ هـ انتزع من التدريس فترة، ثم عاد إليها. وسيأتي سبب ذلك في ذكر محنته. (٢) ترجمته في «وفيات الأعيان» (١/ ٥٧). (٣) (٧/ ٥٢). وانظر: (ص ٢٦) من هذا الكتاب