جواب ذلك: أنا لو لم نحمل المطلق على المقيد في هذا الموضع: أدى إلى أن [لا] يكون الكلام مستقيماً ولا منتظماً؛ لأنه ليس إذا حمل مطلق لا يستقل بنفسه، ولا يصح الابتداء [به]، على مقيد يستقل بنفسه عند عطفه عليه وارتباطه به: ما يدل على أنه يجب أن يُحمل مطلق مستقل بنفسه يصح الابتداء به على مقيد مستقل بنفسه يصح الابتداء به من غير عطف ولا رابطة ودليل يقتضي حمل أحدهما على الآخر (١).
فَصْلٌ
اعلم أن من قال بحمل المطلق على المقيد عند وجود الدليل، اشترط في جواز ذلك شروطا:
* من ذلك (٢): ألا يكون المطلق يتجاذبه أصلان مقيدان؛ كلُّ واحدٍ منهما بالإضافة إلى المطلق على حد سواء، ولا يكون انجذابه إلى أحدهما أولى من انجذابه إلى الآخر؛ فإنه إذا كان كذلك، توقفنا في حمله على أحدهما؛ لعدم الدليل.
مثاله: هو أنَّ الله تعالى ذَكَرَ الصّيام في كفَّارة اليمين مطلقاً من غير تقييدٍ بالتتابع، ولا بالتفريق، فقال تعالى: ﴿فَمَنْ لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾ (٣)، وفي صوم كفارة الظهار قيَّد بالتتابع، فقال: ﴿فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ﴾ (٤)، وفي صوم
(١) يظهر أن في المسألة سقطا، حيث لم يذكر الوجه الثاني ولا الجواب عنه. (٢) ذكر الزركشي أن إلكيا الطبري ممن يشترط هذا الشرط. انظر: «البحر المحيط» (٣/ ٤٢٧). (٣) المائدة: ٨٩. (٤) المجادلة: ٤.