الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. «الحمد لله الذي أكرمنا بتنزيله، وشرَّفنا بمعرفة تأويله، وشفى صدورنا بواضح بيانه، وهدانا من ظلم الضلالة، وعماية الجهالة به، وجعله ميزان قسط لا يحيف عن الحق غرب لسانه، وضوء هدى لا يجتنى من الشهاب نور برهانه، وعَلَمَ نجاة لا يضلُّ من أم قصد سُنَّتِه، ولا تنال أيدي الهلكات من تعلق بعروة عصمته.
نحمده على فنون بلائه، وضروب آلائه، ونشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من يعتصم بحبله، ويأوي في الشبهات إلى حرز عدله، ونشهد أنَّ محمدا عبده ورسوله، وصفيه ونبيه، أرسله ببيان أوضحه، ولسان أفصحه، وشرع شرحه، ودين فسحه، فلم يدع صلوات الله عليه فسادًا إلا أصلحه، ولا عناداً إلا زحزحه، صلوات الله عليه ما هلَّل ملك وسبحه، وعلى من نصره وصحبه، وبَعْدُ» (١):
فإن أشرف العلوم ما ارتبط بكتاب الله تعالى وسنة نبيه ﷺ فهمًا واستنباطا، وحفظاً وصونًا، ولما كانت صنعة أصول الفقه لها حظ وافر من هذا الشرف؛ فقد حرصنا على نشر بعض كتبه المخطوطة مما لم ينشر، فوقع اختيارنا على هذا