• إجماع على أمر لا أثر للإجماع فيه؛ كالإجماع على الإيمان وشرائطه، والإجماع على الصلوات الخمس والحج والزَّكوات؛ فهذا وما شاكله من الأحكام - كالبيع والنكاح وغير ذلك - ليس لأهل الإجماع فيه إلا النقل، فيؤديه صاغر عن كابر، ويأخذهُ خَلَفٌ عن سلف؛ لأنها ثابتة بنص الكتاب والسُّنَّة. فهذا النوع من الإجماع يكفر جاحده (٣)، ويفسق تاركه (٤).
• والقسم الثاني: ما اتفق المجتهدون على إثبات حكمه ولا مدخل للعامة فيه، ولا لمن تميز بطرف من العلوم؛ غير أنَّه يُضاف إلى كل الأمة؛ لأنَّ العامة أتباع للعلماء، وإنَّما عليهم الانقياد لما يذكره العلماء. ومن شدا طَرَفًا من العلم أيضاً، فهو مقلد للمجتهد، وهذا النوع من الإجماع (٥) لا يكفر جاحده، ويُفسق.
(١) انظر: «البرهان» (١/ ٤٦٢)، «المستصفى» (١/ ٤٥٧). (٢) قارن مع: «البحر المحيط» (٤/ ٥٢٥) (٣) نقل الزركشي عن الكيا في القسم الأول من أقسام الإجماع والذي سماه «ما يشترك الخاصة والعامة فيه» ما نصه: «ويكفر مخالفه من حيث إنه منقول عن الشرع قطعا، فإنكاره كإنكار أصول الدين». «البحر المحيط» (٤/ ٥٢٥). (٤) أورد الزركشي مسألة لها تعلق بهذه المسألة، وهي جريان الإجماع في العقليات، فذكر ثلاثة مذاهب، ولما نقل القول بالمنع مطلقا، نقل عن الكيا الطبري ما نصه: «وقال إلكيا: ينشأ من أن الإجماع حجة من جهة السمع أنه إنما يحتج به فيما طريق معرفته السمع، ولا يصح أن يعرف بالإجماع ما يجب أن تتقدم معرفته قبل معرفة الإجماع، كإثبات الصانع والنبوات». «البحر المحيط» (٤/ ٥٢٢) (٥) في المخطوط: (الاجتهاد)، فلعله سبق لسان أو قلم، والصواب ما أثبت، والله أعلم.