للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَصْلٌ في تعديل الصحابة (١)

قال أبو علي الجُبَّائي (٢): «إنَّ في الصحابة مَنْ لا تُقبل شهادته. ولو أنَّ أمرًا يقتضي أن يجتمع جماعة على شهادة - كالزنا -، فاجتمع عليه: عليٌّ وطلحة والزبير ومعاوية، فشهدوا عندي: لا أقبل شهادتهم؛ بسبب الفتن والحروب التي جرت بينهم؛ لأنَّ أحدهم مردود القول؛ غير أنه لم يتعين؛ ولو انفرد كلُّ واحد منهم في غير هذه الشهادة: قبلت شهادته».

وعند أبي حنيفة والشافعي لا يقدح ما وقع من الفتن والحروب في عدالتهم (٣)


= أو عن رجل تتفق المذاهب على تعديله صار حجة - وادعى أن ذلك مذهب الشافعي. ثم قال: «وهذه المسألة لا ينبغي أن يقع فيها خلاف، فإن أحدا لا يوجب التقليد، ولا ينكر اختلاف المذاهب في التعديل، والشافعي يقول: أخبرني الثقة، فإنه لا يلزم غير أهل مذهبه قبوله. وإنما قال الأصحاب مذهبه وقوله حجة عليهم، ومذهبه في التعديل مذهبهم». «البحر المحيط» (٤/ ٤١٢). ونقل الزركشي في موضع آخر عن إلكيا: «قبل الشافعي مرسل سعيد دون غيره»، ثم قال: «إذا تبين من حال المرسل أنه لا يروي إلا عن صحابي عن رسول الله ، أو عن رجل تتفق المذاهب على تعديله، صار حجة». قال: «وهذا معنى قول الشافعي: أقبل من المراسيل ما أرسله كل معتبر من الأئمة، وهذا تصريح بما قلناه». «البحر المحيط» (٤/ ٤١٥).
(١) «التلخيص» (٢/ ٣٧٣ - ٣٧٦)، «المنخول» (ص ٢٦٦)، «الأوسط» (ص ١٧٠).
(٢) نقل الزركشي والسخاوي عن إلكيا فيما يتعلق بـ: «ضابط الصحبة، وهل للصحبة مدة معينة»، أنه قال: «هو من ظهرت صحبته لرسول الله صحبة القرين قرينه، حتى يعد من أحزابه وخدمته المتصلين». «البحر المحيط» (٤/ ٣٠٢)، (فتح المغيث) (٤/١٩ - ٢٠).
(٣) وهو صريح قول إلكيا، حيث قال: «وأما ما وقع بينهم من الحروب والفتن؛ فتلك أمور مبنية على الاجتهاد، وكل مجتهد مصيب، أو المصيب واحد، والمخطئ معذور، بل ومأجور. وكما قال عمر بن عبد العزيز: تلك دماء طهر الله منها سيوفنا، فلا نخضب بها ألسنتنا». «البحر المحيط» =

<<  <   >  >>