للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

ومما يتصل بما قدمنا (١):

«أنَّ التأويل متى كان يتضمن إبطال ما قصده رسول الله عليه: كان باطلاً».

مثال ذلك (٢): ما يستدل به الشافعي في نفي جواز أداء القيم والأبدال في الزكوات من الحديث النَّص، وهو ما روي عن النَّبيِّ صلى الله عليه أنه قال: «في أربعين شاة شاة، وفي خمس من الإبل شاة»، واستاق الأوقاص حتى ذكر بنت مخاض، ثُمَّ قال: «فإن لم يكن في إبله بنت مخاض، فابن لبون ذَكَرٌ» إلى أن قال: «في كُلِّ أربعين بنت لبون، وفي كُلِّ خمسين حِقَّةٌ» (٣).

قال الشافعي: فهذا الاستياق على هذا الوجه فيما يجب في كُلِّ نصاب يدل على أنه لا يجوز أخذ القيم والبدل في الزكوات.

وأصحاب أبي حنيفة يتأوَّلون هذا ويحملونه على محمل، ويقولون: إنَّما ذكر ما يجب في النُّصُب، ولم يذكر القيمة تسهيلا على أرباب الأموال؛ لتعذر النقد على أهل المواشي وتمكن أهل المدن من النقود.

قال الشافعي: هذا التأويل باطل؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه تولى البيان واستقصاه. وهذا إجراء للقياس في العبادات، وإجراؤه في العبادات لا يجوز.


(١) بعدها في المخطوط: (من)، والظاهر أنها مقحمة.
(٢) قارن مع: «البحر المحيط» (٣/ ٣٧٨).
(٣) تقدم تخريجه. انظر: (ص ١٧٥).

<<  <   >  >>