• قسم: صرَّحوا به وأفصحوا: فهو حُجَّةٌ تحرم مخالفته - كاتفاقهم على قتال البغاة ومانعي الزَّكاة وغير ذلك -.
• القسم الثاني: ألا يُفصحوا به ولا ينطقوا بحكمه، لكنهم سكتوا؛ وهو مثل أن يجتمع جمع من الصحابة (١) ثُمَّ يُفتي واحد منهم في مسألة فيما بينهم، وسمعوا ذلك منه وسكتوا عنه، ولم ينكروا عليه؛ فسكوتهم في هذا الموضع إجماع منهم على أنَّ ما أفتى به حكم شرعي يجوز الأخذ به.
وبمثل هذا الطريق ثبت كونُ القياس حُجَّةً مجمعا عليه؛ فإنَّ بعض الصحابة كان يحكم بالقياس، ويرى أنه طريق شرعي؛ ومنهم من لم يعمل به ولم يُنكر على من عمل به، فسكوتُ السَّاكتين مع علمهم بأن غيرهم عمل به دليل وإجماع منهم على كونه حُجَّةً وطريقاً شرعيا؛ وإلا فلو كان حرامًا لما سكتوا عن إنكاره.
وكذلك إذا سكتوا عند فتوى أحدهم بما لا مجال للقياس فيه: يُعلم أنَّه لا يستند إلا إلى قاطع، فيُعلم أنهم ما سكتوا إلا لأنهم علموا القاطع.
مثاله: ما روي عن عمر أنه قضى في دية اليهود والنصارى بثلث دية [٩٣/ و] المسلم، وفي دية المجوسي ثمانمئة درهم (٢)؛ فهذا أمر لا يهتدى إليه بالقياس؛ فلما سكتوا عنه: علمنا أنهم علموا القاطع المُثبت لهذا الحكم، فسكتوا عن إنكاره.
(١) نقل الزركشي في مسألة الإجماع السكوتي هل هو خاص بعصر الصحابة أو يشمل من بعدهم من المجتهدين؟ وقد نقل اختيار إلكيا بالتسوية بين عصر الصحابة وغيرهم. «البحر المحيط» (٤/ ٥٠٦). (٢) انظر: «معرفة السنن والآثار» (١٢/ ١٤١).