للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن مفهوم وتنبيه وسبر وإيجاز (كذا).

* ومنها ما لا يُطلع فيه على وجه الحكمة الخفية، وهي من ألطاف الله التي لا يُطلع عليها، فمن هاهنا تخصيص التكاليف بوقت دون وقتٍ، وتخصيص بعض الأفعال بالنَّدب، وبعضُها بالوجوب، وهذه المصالح بحسب المعلوم من حال المتعبدين به، واحدا (كذا، ولعلها ولهذا) اختلف الأفعال من الله تعالى في النقل من شريعة إلى أخرى، وقد بنى الله أمور عباده على أن عرَّفهم معاني دلائلها وجملها، وغيَّب عنهم معاني دقائقها وتفاصيلها، كما إذا رأينا رجلين عليلين تفاوتت عللهما، عرفنا الوجه في افتراقهما، ولو سألنا عن تعداد الاختلاف جهلنا، وهذا فن يهون بسطه.

إذا عرفت هذا؛ فهل يجوز أن يقول الله لرسوله: احكم فكل ما حكمت هو الصواب؟ أو يأمر عامة الخلق أن يحكموا بما عنَّ لهم، أو بعض العالم من غير اجتهاد؟ فيه خلاف سيأتي (١).

فقيل: الله أن يتعبَّد بذلك، والصحيح خلافه؛ فإنَّ هذه الأحكام إذا وضعت لمصالح العباد يجوز أن يختار الفساد والصلاح جميعًا، وليس اختياره علمًا على الصواب، وبمثله لم يجز ورود التعبد بتصديق نبي من غير أمارة، فكما يجوز تفويض الأمر إلينا في الخبر على اتفاق الصدق، فكذلك القول في المصلحة.

قال: والفرق بينه وبين الاجتهاد أنَّ الأمارة على التعبد به مقطوع بها، والظَّنُّ مبني على أمارة تفضي إلى الظَّنِّ قطعاً، وهنا بخلافه؛ إذ لا أمارة.


(١) انظر: (ص ٣٧٤). والكلام هناك مخالف لما قرره هنا، فقد يكون في هذا النص سقط.

<<  <   >  >>