للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الهراسي في تعليقه، قال: وإنما نشأ هذا الخلاف من مسألة، وهو: حديث النكاح بلا وليّ، الذي روته عائشة؛ فرده الحنفية، وقالوا: تردد الشيخ يوجب ريبة، وأصحابنا قالوا: هذا الحديث قد روي من طريق آخر غير طريق الزهري؛ فاعتقد معتقد أن عندهم لا يؤثر تردد الشيخ … . فقد جاء هذا النص عندنا على النحو التالي: «قال أصحابُ الشَّافعيّ: إِنَّ تردُّد الشيخ في الحديث الذي يروى عنه عند الرجوع إليه لا يقدح فيه؛ وقال أصحاب أبي حنيفة: إن تردُّده قادح فيه. وليس عن أبي حنيفة والشافعي في هذه المسألة نص على ما نقله أتباعهما، وإنَّما أُخذ ذلك من مسألة النكاح بغير ولي … ».

٤ - وقال الزركشي في مسألة: «المكره هل يصح تكليفه؟» ما نصه: «وما نقلوه عن المعتزلة قد نازع فيه جماعة منهم إلكيا الطبري، فقال: نُقل عن بعض المعتزلة أن الإكراه ينافي التكليف. قال: وليس هذا مذهبا لأحد، وإنما مذهبهم أن الإلجاء الذي ينافي اختيار العبد ينافي التكليف كالإيمان حالة اليأس» (١)، وهو في التعليقة التي بين أيدينا بلفظ: «ونقل عن المعتزلة أنَّ المكره غير مكلَّفٍ. وهذا النقل غلط، وذلك من وجهين: أحدهما: أنَّ المسطور عنهم أنَّ الملجأ ليس بمكلَّف - وهو المضطر المضطهد الذي لا قدرة له ولا اختيار ـ؛ فاعتقد الفقهاء بأنَّ المكره أيضا غير مكلَّف وهو في معنى الملجأ، وليس الملجأ والمكره سِيَّانِ. الوجه الثاني: أنَّ القدرة إذا لم تكن صالحة للضّدَّين، بطلت المحنة واستحقاق الثواب والعقاب … ».

والملاحظ على هذا القسم أن هناك تطابقا بين ما في أيدينا من القطعة


(١) «البحر المحيط» (١/ ٣٥٩).

<<  <   >  >>