وقال الزركشي في مسألة الشيخ إذا لم يتذكر ما رواه: هل له أن يتبع روايته ويرويه: «قال إلكيا الطبري في كتاب "نقض مفردات أحمد": هذا موضع نظر، يحتمل أن يقال: تتبع روايته تشوفًا إلى العمل بالحديث، ويحتمل خلافه» (١). وسبب الحديث عن مثل هذا الموضوع - وهو موضوع مفردات الحنابلة عن المذهب الشافعي خصوصا - والتأليف فيه: هو ما أثاره بعض علماء الشافعية من القول بأنَّ ما بين الإمامين - الشافعي وأحمد - -رحمهما الله- من الاختلاف يسير في الفروع، وأنه ينبني على ذلك الاستغناء عن مذهب الإمام أحمد اكتفاء بمذهب الإمام الشافعي. ولم يتبين لنا من أول من أثار هذه القضية؛ إلا أننا نجزم بأن إلكيا الهراسي كان ممن انتصر لمذهبه، وألف كتابه المذكور، فجاءت كتب الحنابلة للرد عليه بعينه (٢)، ولذا قال ناظم «المفردات» محمد بن علي العمري (ت ٨٢٠ هـ)(٣):
واعلم بأن أصحابنا قد صنفوا … في «المفردات» جُملا وألفوا
لكنهم لم يقصدوا هذا النمط … بل قصدوا الرد على الكيا فقط
ولم نقف على الكتاب لنحكم عليه أو نتبين تفاصيل محتواه بدقة، لكن قال عنه الذهبي الشافعي: «وصنف كتابا في الرد على مفردات الإمام أحمد، فلم يُنصف فيه، ولعل هذا ما دفع عددا من علماء الحنابلة إلى تصنيفهم ردا على
= وهو مصري عاش في النصف الثاني من القرن الثامن الهجري، فالكتاب انتقل من بغداد، ولم يكن ضمن ما فقد أو نهب أيام المغول. (١) «البحر المحيط» (٤/ ٤٢٥). (٢) ويؤكد ذلك تصريح عناوين بعض الكتب المؤلفة في ذلك، ككتابي ابن قاضي الجبل (ت ٧٧١ هـ)، وابن عبد الهادي (ت ٧٤٤ هـ): «الرد على إلكيا الهراسي». (٣) انظر: «المنح الشافيات» (١/ ١٢٣). وللأبيات تتمة، يمكن مراجعتها في المصدر.