بكافرٍ، فالمظهر في المعطوف عليه هو الذي أضمر في المعطوف، فكان تقدير الكلام:«لا يقتل مؤمن، ولا ذو عهد بكافر». قال: لأن الوصف يقتضي التشريك، والواو ظاهر العطف والتشريك، ومن قضيَّة العطوف والتشريك أن يشتركا في الإعراب والمعنى، ولا يتحقق حكم العطف والتشريك إلَّا إذا رُدَّت إلى الجملة الأولى وساوتها في حكمها.
- والشافعي يقول: قوله: «لا يُقتل مسلم بكافر» مستقل بنفسه يحمل على ظاهره، وقوله:«ولا ذو عهد في عهده» محمول على أنَّه لا يجوز قتله ابتداءً بكفره. قال: لأن العطف فيما لا يتصل يقتضي أن يُشرك (١) بين المعطوف والمعطوف عليه في قدر ما يستقل به؛ فإذا استقل بأن يُشرك بينهما في معنى، فقد زالت الضرورة وحصل الاستقلال.
ونحن نقول: قد اشتركا في نفي أصل القتل، فلا يقتل مؤمن بكافر، ولا يُقتل ذو العهد، وليس من شرطه أن يشتركا في جميع الأحكام، وهذا لأن العطف إذا كان له وجه صحيح مستقل - وهو التسوية بينهما في نفي أصل القتل، وهو الحكم الخاص - كان أولى من إثبات التَّزَيُّد في كل حكم، وهذا لأنَّ الجملتين إذا أمكن إفراد كل واحدة منهما بحكم، وجب تمييزها عن الأخرى، فلا تجعل الواو موجبةً لتساويهما مع ظهور الفائدة، فصارت هذه بمثابة قول القائل:«لا تقتل النصارى بالحديد، ولا اليهود في الأشهر الحرم»، هذا العطف لا يقتضي إلا الاشتراك في نفي أصل القتل؛ وإن اختلفا في صفته، فلا يقتل النصارى بالحديد في الأشهر الأخر، ولا في أشهر الحرم، ولكن يجوز قتلهم بغير حديدٍ؛