للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمنزلة جملتين عُطف إحداهما على الأخرى، ثُمَّ خُصَّ المعطوف بأمرٍ يَخصه بصفة أو بشرط: لا يقتضي هذا عود التخصيص إلى المعطوف عليه، بل لكل حكمه، فلا يشتركان في الوصف (١).

نظير هذه المسألة: قوله صلى الله عليه: «لا تبيعوا البر بالبر … إِلَّا كيلا بكيل» (٢).

* فالشافعي يحرّم بيع الحفنة بالحفنتين بهذا الحديث، ويقول: قوله: «لا تبيعوا البر بالبر» عام يشمل المكيل وغير المكيل؛ فأحمله على مخصوصه، وأحرم البيع على الإطلاق في البر؛ وقوله: «إِلَّا كيلا بكيل» تخصيص لبعض المحال؛ فاستثناء المكيل يعود إلى المكيل، ويبقى الباقي على عمومه، فلا يجوز بيع المكيل بالمكيل ولا بيع الحفنة بالحفنتين؛ غير أنَّ حُرمة بيع المكيل بالمكيل يكون معللا؛ لعدم (٣) التساوي، وما ليس بمكيل محرَّم بما ورد فيه من اللفظ العام.

* وأبو حنيفة يقول: قوله: «إلا كيلا بكيل» راجع إلى ما تقدم من نهيه عن بيع البر بالبر، فيصير كأنَّ النَّهي تناول المكيل فقط؛ لأنَّ ما تعقّب من الاستثناء ولعل الصواب ما أثبت.


(١) قوله: (بل لكل حكمه، فلا يشتركان في الوصف) في المخطوط: (بل بكل جمله، وإنما يشتركان في الوصف)، ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) أقرب لفظ لما أورده المصنف هو ما أخرجه الشاشي في «مسنده» (١٢٤٤)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٥٧٥٩)، و «شرح مشكل الآثار» (٦١٠٤)، والبيهقي في «معرفة السنن والآثار» (١١٠٢٣)، و «السنن الكبرى» (١٠٥٤١) من حديث عبادة بن الصامت.
(٣) ويحتمل أن تقرأ: (بعدم).

<<  <   >  >>