للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عام في كل مال؛ فيُحمل على مقتضاه؛ ويقول: إِنَّ العُشر واجب في كلّ ما يُنبته الآدميون، وفي كلّ قدرٍ؛ فلم يعتبر جنساً مخصوصاً من الزرع، ولا قدرًا مخصوصاً.

فقال له الشافعي: فقد قال صلى الله عليه: «ليس في الخضراوات زكاة» (١)، وقال أيضا: «ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة» (٢)، فالخبر الذي ذكرتم إذا يُخرجه التخصيص (٣)، فَأَحْمِلُه:

- على غير الخضراوات ممَّا يُسقى، ويُعشر؛

- وعلى التمر إذا كان خمسة أوسق؛ بدليل هذين الخبرين.

فقال أبو حنيفة: أنا أؤوّل ذاك الخبر الخاص، وأقول: «المراد: ليس فيه صدقة يأخذها الإمام ويفرّقها، بل ما فيه من الصدقة يؤديها ربُّ المال ويفرّقها؛ لأنه قدر يسير لا يُدفع إلى الإمام؛ بدليل خَبَرِي العام»، وهو قوله صلى الله عليه: فيما سقت السَّماءُ العُشْرُ.

الشافعي يعارضه، ويتأوَّل خبره، ويقول: المراد بقوله: «فيما سقت السَّماء العُشْرُ»، مما يقتات وقد بلغ خمسة أوسقٍ؛ بدليل قوله: «ليس في الخضراوات صدقة»، و «ليس فيما دون خمسة أوسقٍ من التَّمر صدقةٌ».

فقد وقع التعارض في هذه الأخبار بكلِّ حالٍ، وحظ الأصول: التوقف فيما


(١) أخرجه الترمذي (٦٣٨) - وضعفه -، وعبد الرزاق (٧١٨٥)، والبزار في «مسنده» (٩٤٠)،
والدارقطني (١٩١٠، ١٩١١) وغيرهم عن طلحة بن معاذ. وروي عن عدد من الصحابة. وانظر
الكلام حول الحديث وطرقه وأسانيده: «نصب الراية» (٢/ ٣٨٦).
(٢) أخرجه البخاري (١٤٥٩) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٣) أي: عن عمومه.

<<  <   >  >>