للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لحاججتهم بالحديث!» (١).

- ولأن قول رسول الله صلى الله عليه حُجَّةٌ، وقول الراوي ليس بحُجَّةٍ، وفعله صلى الله عليه أيضًا حُجَّةٌ، وفعل الراوي (٢) ليس بحُجَّةٍ، فكيف يُترك الحُجَّة بما ليس بحُجَّةٍ!؟ فكان عموم اللفظ مقدما على أقوالهم وآرائهم.

فالعمل بالعموم أولى من تركه والرجوع إلى رأي الراوي ومذهبه.

هذا كما روي عن ابن عباس أنَّه قال: قال صلى الله عليه: «من بدل دينه فاقتلوه» (٣)، وصح من مذهبه أن المرتدة لا تقتل.

فهذا كلام رسول الله صلى الله عليه؛ كيف يُترك بمجرد رأي الراوي واجتهاده، وليس له تعلق باللفظ، ولا يرتبط به بحال.

بلى، لو كان لفظ الحديث متردداً بين محامل جمةٍ وجهات شتى - مثل أن يكون محتملا عدة احتمالات -، ثُمَّ حَمل الراوي الحديث على بعض محتملاته وخص به، فيكون ما حمله الراوي عليه أولى بالاعتبار، فيقدم ذلك على غيره؛ لأنه أعرفُ بشواهد الأحوال وقرائن المقال (٤).


(١) انظر: «البرهان» (٢/ ٧٦١).
(٢) بعدها في المخطوط: (قال). الظاهر أنها مقحمة.
(٣) أخرجه البخاري (٣٠١٧) من حديث ابن عباس.
(٤) نقل الزركشي عن إلكيا وابن فورك أنها حالتان، فقال ما نصه: «المختار أنا إن علمنا من حال الراوي أنه إنما حمل على ذلك بما علم من قصد النبي : وجب اتباعه لئلا يفضي إلى مخالفة النبي ، وإن حمله على وجه استدلال أو تخصيصا بخبر آخر: فلا يجب اتباعه». انظر: «البحر المحيط» (٣/ ٤٠٢). وقارن مع نفس الكتاب (٤/ ٣٦٧، ٣٦٩).

<<  <   >  >>