كقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ﴾ (١)، وقوله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ﴾ (٢)، وقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ﴾ (٣)، وما أشبه ذلك؛ فإنَّ هذه الآيات دالة على الاستغراق وقد أخرجنا منها المجانين، ومن لا عقل له - كالصغار -.
وكذلك قوله تعالى: ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾ (٤)، فاقتضى دليل العقل إخراج ذاته سبحانه وصفاته عن انطواء هذا اللفظ عليها وإن كانت أشياء.
واعلم أن من النَّاس من خالف في هذا فقال: لا يُعَدُّ تخصيصًا، ولا يسمى به؛ لأنَّ التخصيص:«هو أن يُخرج من اللفظ بعض ما دخل تحت اللفظ»، وهاهنا المخرج لم يتناوله اللفظ، ولا يتوهم دخول ما يقتضي العقل إخراجه في اللفظ، بل يقال: لم يدخل ذلك في اللفظ، ولهذا سفّه الله آراء أقوام، حيث توهموا مثل ذلك واعتقدوا أنَّ من جرى هذا المجرى تناولهم اللفظ، وإنَّما أخرج بدليل العقل، وذلك في قصة عبد الله بن الزبعرى، لما نزل قوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ (٥) قال: «اليوم أخصم محمدًا»، فجاء إليه وقال:«يا محمد، إنَّ المسيح والملائكة عبدوا من دون الله، أفيكونون في النَّارِ حَصَبَ جَهَنَّمَ؟»، فنزل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى