أجمع جماهير العلماء على أنَّ المأمور بالشَّيء يعلم أنَّه مأمور قبل أن يفعل ما أمر به؛ هذا ما أطبقت الأمة عليه قبلنا، إلى أن نبغ أبو هاشم، فقال:«المأمور لا يعلم ما أمر به، ولا أنَّه مأمور قبل الإتيان بالفعل»(٢).
مسألة (٣)
* الذي اتفق عليه آراء أهل الجماعة أنَّ الفعل الحادث حال حدوثه يكون مأمورا به (٤).
* فأما المعتزلة؛ فإنَّهم أبوا ذلك كُلَّ الإباء، وقالوا: لا يجوز أن يكون مأمورا به حال حدوثه، وإنَّما يكون مأمورا به حالة عدمه (٥).
= بعد وجوده كالقدرة والعلم وغيرهما من الصفات، وإنكار بعضها بهذا الطريق يجر إلى ما سواه». «البحر المحيط» (١/ ٣٧٧). (١) انظر: «البرهان» (١/ ١٩٦)، «المنخول» (ص ١٢٢)، «الوصول» (١/ ١٦٩). (٢) انظر: «البحر المحيط» (١/ ٣٦٥). وقد نقل الزركشي عن الكيا أن الخلاف في هذه المسألة مع أبي هاشم لفظي. انظر: (١/ ٣٦٩) من نفس الكتاب. (٣) انظر: «البرهان» (١/ ١٩٤)، «المنخول» (ص ١٢٢ - ١٢٣)، «الوصول» (١/ ١٧٤). (٤) قارن مع: «البحر المحيط» (١/ ٤٢١). (٥) نقل الزركشي عن الكيا مزيد بيان في المسألة، فقال: «وقال إلكيا: اختلفوا في أن الحادث حال حدوثه هل يكون مأمورا به؟ فقال أصحاب الأشعري: مأمور به في تلك الحالة. وقالت المعتزلة: مأمور به قبل الحدوث، وإذا حدث خرج عن أن يكون مأمورا به، لأن الأمر استدعى التحصيل، والحاصل لا يحصل. وأصحابنا بنوا ذلك على أن الاستطاعة مع الفعل، وأن المعدوم مأمور به، وعلى هذا فلا أمر عندهم قبل الفعل، وإنما هو إعلام على معنى تعلق الأمر الأزلي به». «البحر المحيط» (١/ ٤٢٣).