للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الأستاذ أبو إسحاق: هذا المذهب: أوَّله سفسطة، وآخره زندقة، أما السفسطة، فلكونه حلالاً حراماً في حقّ كلّ واحدٍ؛ وأما الزندقة، فهو مذهب أصحاب الإباحة.

والثاني: ذهب بعضهم إلى أنَّ المطالب متعدّدة، فلا بد من أصل الاجتهاد، ولكن المطلوب من كل مجتهد ما يؤدي إليه الاجتهاد.

* وأما المقتصدة فقالوا: كلُّ مجتهد مصيبٌ في عمله قطعا، ولا يُقطع بإصابة ما عند الله، وادعوا أنَّ في الآراء المختلفة حكمًا عند الله، هو أشبه بالصواب، وهو شوق المجتهدين ومطلوب الباحثين، وربَّما عُبّر عنه بأنَّه الحق والصواب؛ غير أنَّ المجتهد لم يُكلّف غير إصابته. وهذا القول [روي] عن أبي حنيفة نصا.

* وأما القائلون بأن الحق في واحد فيما دل عليه دليل، والمجتهد مقصر بالنظر فيه والمصير إليه، ومن قصر في ذلك ولم يصر إليه؛ فإنَّه مخطئ فيه، ويختلف خطؤه على قدر ما يتعلق به الحكم، فقد يكون كبيرةً، وقد يكون صغيرةً. وهذا مذهب الغلاة، ومنهم الأصم والمريسي، وهو قول أصحاب الظواهر فيما طريقه الاستدلال.

وقيل: في واحد منهما وعليه دليلٌ؛ إلَّا أنَّ المجتهد إذا لم يصل إليه لدقته وغموض طريقه، فهو معذور آثم، وهو قول أكثر أصحاب الشافعي، ونفر من الحنفية.

وحكي عن الشافعي أنَّه قال في الفروع التي لها أصل واحد - وهو الذي يسمى طريق إثباتها: القياس الجلي، والقياس المعنى ـ؛ أنَّ المصيب فيها واحد،

<<  <   >  >>