للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اجتهاده مقطوع به؛ لأنه لا بُدَّ له من مستند في الشرع، ولا يتصور أن يلوح له من وضع الشرع ما يقتضي نسخ الكتاب، وهذا بعيد، لأن الاجتهاد لا يتطرق إلى النسخ أصلا.

الثاني: - لأصحاب الشافعي - قالوا: قال الله تعالى: ﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾، يحتمل الكتاب وغيره مما هو أجزل في المثوبة وأصلح في الدارين، فلما قال بعده: ﴿أَلَمْ تَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرُ﴾، علمنا أنه أراد بما تقدم ما تفرد هو بالقدرة عليه، وهو القرآن المعجز.

فكأنه تعالى قال: نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا مما يختص بالقدرة عليه، وهو بعيد؛ فإنَّ المراد بذلك أنه القادر على العلم بالمصالح أو إنشائها أو إزالتها عن الصدور. وقد قيل: نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا بعد النسخ إذا قدم النسخ عليه، وليس في الآية نسخ حكم الآية، ولأن المراد: خير منها لكم. انظر: «البحر المحيط» (٤/ ١١٢ - ١١٣).

ونقل الزركشي عن الكيا في المسألة السابقة في تقدير جواب على ما اعترض به عليه، وهو أنَّ في الكتاب آياتٍ نسخت أحكامها، ولا ناسخ لها في القرآن، فقال ما نصه:

«وقال إلكيا الطبري: يمكن أن يقال: نُسخ بآية أخرى لم يُنقل رسمها ونظمها إلينا، كما قيل في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾، فإن هذا الحكم منسوخ اليوم، إلا أنه لم يظهر له سُنَّةٌ ناسخةٌ؛ فإن جاز لكم الحمل على سنة لم تظهر، جاز لنا الحمل على كتاب لم يظهر». «البحر المحيط» (٤/ ١١٥).

<<  <   >  >>