للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرجوع إليه لا يقدح فيه.

• وقال أصحاب أبي حنيفة (١): إن تردُّده قادح فيه (٢).

وليس عن أبي حنيفة والشافعي في هذه المسألة نص على ما نقله أتباعهما،


(١) المقصود بعض أصحاب أبي حنيفة، أو المتأخرون منهم. قال السخاوي: "وحكي الإسقاط عن بعضهم": «أي: بعض العلماء، وهم قوم من الحنفية - كما قال ابن الصلاح - ـ، ونسبه النووي في شرح مسلم للكرخي منهم، بل حكاه ابن الصَّباغ في العدة عن أصحاب أبي حنيفة، لكن في التعميم نظر؛ إلا أن يُريد المتأخرين منهم، لا سيما وسيأتي في المسألة الثانية من صفة رواية الحديث وأدائه عن أبي يوسف ومحمد بن الحسن أنه إذا وجد سماعه في كتابه وهو غير ذاكر لسماعه يجوز له روايته.
ويتأيد بقول إلكيا الطبري: إنه لا يُعرف لهم في مسألتنا بخصوصها كلام إلا إن أخذ من ردهم حديث: "إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها فنكاحها باطل». «فتح المغيث» (٢/ ٢٤٦).
(٢) نقل الزركشي في موضع آخر عن الكيا تفصيلاً في هذا الفصل، فقال ما نصه: «وفصل الكيا الطبري منا:
- بين ألا يكون هناك دليل يستقل؛ فإنَّ التردد وإن لم يعارض قطع الراوي، لكنه يورث ضعفًا، فيصير بمثابة خبرين يتعارضان، وأحد الراويين أوثق؛ فإن معارضة الثاني له يخرجه عن أحد الأدلة المستقلة.
- وإن وجدنا وراءه دليلا مستقلا، فهو أولى، فإن ما في أحد الحديثين من مزيد وضوح لا يستقل دليلا.
قال: وهذا حسن جدا؛ إلا أنا سنذكر ترددا في أن مزية الحديث أولى بالاعتبار أو القياس، ويضطرب الراوي فيه، سيما إذا كان القياس جليا، كالذي يقررونه في مسألة النكاح بغير ولي.
فإن قيل: إذا لم يكن معكم خبر مستقل في تلك المسألة، فعلى ماذا تعتمدون ما رواه؟ فقيل: روي الخبر الذي تردد فيه الزهري من طريق آخر غير طريق الزهري. قال: وكان إمام الحرمين يرى الخبر دليلا مستقلا، مع تردد الشيخ، ولكن كان يرى إذا قطع الشيخ بالرد أن ذاك يمنع قبول روايته. قال إلكيا: ومن لم يسلك الطريق الذي سلكناه لا يعدم من التعرض على ما ذكره الإمام كلاما مخيلا، فإن قطع النافي قد لا يعارض قطع المثبت، فمن الممكن أنه رواه، ثم نسي، وظهر عنده أنه لم يرو». «البحر المحيط» (٤/ ٣٢٤ - ٣٢٥).

<<  <   >  >>