اعلم أنا لا نعني بذلك عادة الناس التي كانوا ألفوها فيما بينهم؛ فإنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه بعث لنقلهم عن تلك العادات المألوفة إلى الأحكام التي لم تكن عندهم معروفةً.
وإنَّما نعني بالعادة أن يكون اللفظ موضوعاً في الأصل للاستغراق، ثُمَّ أَلِفوا التخاطب والاستعمال عند الإطلاق في شيء من تلك الأشياء.
مثال ذلك: أنَّ «الدَّابَّة» اسم وضع في اللغة لكل ما دبَّ ودرج، ثُمَّ صار مستعملا في العرف في الدابَّة المخصوصة، - البهيمة المعروفة ـ؛ فإذا ورد لفظ (الدَّابَّة) من الشارع؛ هل يختص بهذه البهيمة المعروفة ويُحمل على ما ألفوه فيما بينهم أم يكون اللفظ عاما في كل ما يدبُّ؟
يُنظر في ذلك:
* فما كان على عهد رسول الله صلى الله عليه واستعمل ذلك أو أقرهم عليه أو وافقهم على استعماله ونقله صاغر عن كابر، وأداه أوَّل إلى آخر، أو ثبت أنه صلى الله عليه كان يخاطب كلَّ قوم بلغتهم: حُمِلَ ذلك على العادة المعروفة عند المخاطبين.
* وإن كان لا يخاطبهم في جميع خطابه إلا بلغة الحجاز ولغة بني هاشم؛ فإنَّ الحكم يكون على ما عُرف من خطابه في لغته دون العادة، فلا يجوز أن يُخص به العموم.
هذا كما استدلَّ الشَّافعي في إثبات العلة في الربا بقول رسول الله صلى الله عليه ونهيه عن بيع الطعام بالطعام (١):