والثاني: أن قال: وقد صح في الحديث (١) أن أم سلمة قالت: «يا رسول الله، إنَّ الله تعالى أكثر ذكرَ الرّجال في القرآن، ولا نجد للنساء ذكرًا، فنزلت الآية: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ﴾ (٢)، وقوله: ﴿لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتِ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾ (٣)»، فلو كان جمع الذكران يتناول الإناث وأنَّ النساء يدخلن في مطلق الجمع: لما سألتِ النَّبيَّ صلى الله عليه عن ذلك.
مسألة (٤)
* اعلم أنَّ أدوات الشروط كُلَّها تقتضي العموم، [مثل]: «من»(٥)، و «ما»، و «أينما»، و «حيثما»؛ هذا ما عليه أهل اللغة، وطابقهم عليه الأصوليون.
* وذهب شراذم من متفقهة أصحاب أبي حنيفة الذين لا علم لهم بالأصول: أن لفظة «من» تختص بالذكور، ولا تقع على الإناث.
وهذا الذي ذكره هؤلاء غير صحيح؛ فإنَّ صيغة «من» موضوعةٌ للذكور والإناث، وتشتمل الفريقين شمولاً واحداً (٦). وقد قالوا: إِنَّ «من» لمن يعقل،
(١) أخرجه أحمد (٢٦٥٧٥، ٢٦٦٠٣)، والنسائي في «الكبرى» (١١٣٤١) وغيرهما، وليس في شيء من روايات الحديث ذكر للآية الثانية التي أوردها الإمام الكيا. (٢) الأحزاب: ٣٥. (٣) الفتح: ٥. (٤) انظر: «المستصفى» (٢/ ٧٣٣)، «الوصول» (١/ ٢١٤). (٥) في المخطوط: (كم)، وهو خطأ ظاهر؛ إذ إنها ليست من أدوات الشروط، والمثبت هو الموافق للسياق. (٦) قارن مع: «البحر المحيط» (٣/ ١٧٧).