للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* وقال القاضي أبو بكر: «العموم إذا خُصَّ: صار مجازا، ولكن يجوز التعلق به، بل ربما وجب أن يُحتج به» (١).

* وقال آخرون (٢): إن كان التخصيص بدليل منفصل: صار مجازا، لا يجوز التعلق به؛ وإن كان بدليل متّصل - كالتقييد بالشَّرط والصفة أو الاستثناء -: لا يصير مجازاً، ويجوز التمسك به.

* وقال قوم (٣): إن خُصَّ بدليل معلوم: جاز التعلق به؛ وإن خُصَّ بدليل


= ومقدار التأثير للقرينة في اللفظ مجهول، فلا يدل عليه فيصير مجهولا.
قال: وهو متجه جدا، وغاية ما يرد عليه بأمرين:
أحدهما: أن الصحابة والتابعين علموا بما تطرق إليه التخصيص من العموم. وله أن يجيب بأنهم نقلوه من القرائن التي شاهدوها وألفوها، وكانوا بمرأى من الرسول، ومسمع من الوحي.
الثاني: أن صيغة العموم ليست نصا في الاستغراق لاحتمال إرادة الخصوص، وإجراء اللفظ على غالب المسميات من غير قرينة تخطر بالبال. نعم، إن كان مضمون التخصيص استثناء ما لا يشذ عن الذهن عند إطلاق اللفظ، فيتجه ما قاله عيسى بن أبان، ثم قضيته أنه لا يجوز التخصيص إلا بما يجوز النسخ به بأنه إسقاط أمر اللفظ العام، والممكن في الجواب عنه أن القدر الذي ظهر من القرينة أمرنا باتباعه، ولا يقدر وراءه قرينة هي غائبة عنا؛ فإن ذلك يلزم مثله في العموم الذي لم يتناوله تخصيص إجماعا؛ لإمكان أنه بناه على سؤال، وقرينة حال». «البحر المحيط». (٣/ ٢٦٩).
(١) نقل الزركشي أنَّ إلكيا نسب هذا القول إلى المحققين. انظر: «البحر المحيط» (٣/ ٢٥٩).
(٢) وهو قول أبي الحسن الكرخي وأبي الحسين البصري وغيرهما. انظر: «التبصرة» (ص ١٢٢، ١٢٣). ونقل الزركشي عن إلكيا أنه قال: «ولكنه دونه (كذا، ولعلها دون) ما لم يتطرق التخصيص إليه، فيكسبه ضربا من التجوز، ولو رُجح نهيه عن أكل كل ذي ناب من السباع، ومخلب من الطير على عموم قوله: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا﴾ الآية بأن التخصيص يتطرق إليها، لكان الخمر والقاذورات المحرمة خارجة عنها». «البحر المحيط» (٣/ ٢٦٨ - ٢٦٩).
(٣) نسبه البدر الزركشي لبعض الحنفية. انظر: «سلاسل الذهب» (ص ٢٤٤).

<<  <   >  >>