* وحكي عن أبي الحسن (١): «أنَّه لا صيغة للعموم»، وهو مذهب المرجئة.
* وأما الفقهاء وأهلُ الظَّاهر: فذهبوا إلى أن للعموم صيغة تقتضي الاستغراق والشمول؛ لا من طريق نص في الاستغراق، ولكن من طريق الظاهر، وهو الذي نصره الشافعي في كثير من كتبه (٢).
قالوا (٣): والوعيد لا يلحق العصاة؛ لأنَّ الآيات المتناولة للوعيد متعارضةٌ، كقوله: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمِ﴾ (٤)، وقول تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا﴾ (٥)، وقوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ … الآية﴾ (٦). وهذه الآياتُ في معارضتها ومقابلتها آيات، كقوله تعالى: ﴿لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَّحْمَةِ اللَّهِ﴾ (٧)، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ (٨)، فلم يمكن القول بالعموم مع التعارض، وهذا
(١) في المخطوط: (حنيفة)، وهو تحريف. قارن مع: «البحر المحيط» (٣/٢٠). (٢) نقل الزركشي عن إلكيا إنكاره أن يكون مذهب الشافعي هو أن دلالة العام على أفراده قطعية ــ كما نقله عنه إمام الحرمين والغزالي وابن القشيري والأبياري في شرح البرهان ــ، فقال الزركشي ما نصه: «قد أنكره الإمام أبو الحسن الطبري المعروف بـ إلكيا، فقال في كتابه التلويح: نُقل عن الشافعي أن الألفاظ إذا تعرت عن القرائن المخصصة كانت نصا في الاستغراق، لا يتطرق إليها احتمال، وهذا لم يصح عنه، وإن صح عنه فالحق غيره، فإن المسميات النادرة يجوز أن لا تراد بلفظ العام، ويجب منه أن التخصيص إذا ورد في موضع آخر كان نسخا، وذلك خلاف رأي الشافعي. انتهى». «البحر المحيط» (٣/٢٧). وانظر: «تخريج الفروع على الأصول» (ص ٢٨٢). (٣) أي: المرجئة. ويحتمل أنها محرفة من: (قال)، أي: الأشعري. قارن مع: «البحر المحيط» (٣/٢٤). (٤) الانفطار: ١٣، ١٤. (٥) النساء: ٩٣. (٦) النساء: ١٤. (٧) الزمر: ٥٣. (٨) النساء: ٤٨، ١١٦.