ارتفعوا، وقوموا فافعلوا ذلك ومن «رياض الصالحين» للنوويِّ: وعن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جَدِّه، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«لاَ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إلاَّ بِإذْنِهِمَا»«١» رواه أبو داودَ، والترمذيُّ وقال: حديث حسن، وفي رواية لأبي داودَ:«لاَ يَجْلِسْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إلاَّ بِإذْنِهِمَا» وعن حُذَيْفَةَ- رضي اللَّه عنه- أَنَّ رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم:«لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الحَلْقَةِ»«٢» ، رواه أبو داود بإسناد حسن، وروى الترمذيُّ عن أبي مِجْلِزٍ أَنَّ رَجُلاً قَعَدَ وَسَطَ الْحَلْقَةِ، فَقَالَ حذيفة:«ملعون على لسان محمّد صلّى الله عليه وسلّم، أو لعن الله على لسان محمّد صلّى الله عليه وسلّم مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الْحَلْقَةِ»«٣» قال الترمذيُّ: حديث حسن صحيح، انتهى.
وقوله سبحانه: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ ... الآية: قال جماعة: المعنى: يرفع اللَّه المؤمنين العلماءَ درجاتٍ فلذلك أمر بالتفسُّح من أجلهم، وقال آخرون: المعنى: يرفع اللَّه المؤمنين والعلماءَ الصنفينِ جميعاً درجاتٍ، لَكِنَّا نعلمُ تفاضُلَهم في الدرجات من مواضعَ أُخَرَ فلذلك جاء الأمر بالتفسح عامّا بالتفسح عامًّا للعلماء وغيرهم، وقال ابن مسعود وغيره «٤» :
«يرفع الله الذين آمنوا مِنكُمْ» وهنا تَمَّ الكلامُ، ثم ابتدأ بتخصيص العلماء بالدرجات، ونصبهم بإضمار فعلٍ، فللمؤمنين رفع على هذا/ التأويل، وللعلماء درجات، وعلى هذا التأويل قال مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشَّخِّيرِ «٥» : فَضْلُ العلمِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ فَضْلِ العِبَادَةِ، وخيرُ دِينِكُمُ الوَرَعُ، وروى البخاريُّ وغيره عن أبي موسى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «مثل ما
(١) أخرجه أبو داود (٥/ ١٧٥) ، كتاب «الأدب» باب: في الرجل يجلس بين الرجلين (٤٨٤٥) ، والترمذي (٥/ ٨٩) ، كتاب «الأدب» باب: ما جاء في كراهية الجلوس بين الرجلين بغير إذنهما (٢٧٥٢) ، وأحمد (٢/ ٢١٣) . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. (٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٦٧٤) ، كتاب «الأدب» باب: الجلوس وسط الحلقة (٤٨٢٦) ، والترمذي (٥/ ٩٠) ، كتاب «الأدب» باب: ما جاء في كراهية القعود وسط الحلقة (٢٧٥٣) . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. (٣) انظر الحديث السابق. (٤) ذكره ابن عطية (٥/ ٢٧٩) . (٥) أخرجه الطبري (١٢/ ١٩) ، وابن عطية (٥/ ٢٧٩) .