ونحوُ ذلك من قولهم فَرَدَّ اللهُ عليهم بهذه الآيةِ، وجماعة المفسرين: أن «ما» نافيةٌ، أي: ليس لهم الخِيرَةُ، وذهبَ الطبريُّ «١» إلى أن ما مفعولة ب يَخْتارُ أي: ويختارُ الذي لَهُمْ فيه الخِيَرةُ، وعن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «مِن سَعَادَةِ ابْنِ آدَمَ اسْتِخَارَتُهُ اللهَ، وَمِنْ شَقَاوَتِهِ تَرْكُهُ»«٢» رواه الحاكم في «المستدرك» وقالَ: صحيحُ الإِسناد، انتهى من «السلاح» . وباقي الآية بَيِّنٌ. والسَّرْمَدُ مِنَ الأَشْيَاءِ: الدَّائِمُ الذي لا ينقطع.
فإنْ أرَدْتَ أَيُّهَا الأخ أن تكونَ من الأَبرَارِ فعليكَ بالقيامِ في الأَسْحَارِ، وقد نقل صاحبُ «الكوكب الدري» عن البزار أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «أتدرون ما قالت أمّ سليمان
(١) ينظر: «الطبريّ» (١٠/ ٩٥) . (٢) أخرجه الحاكم (١/ ٥١٨) ، وأحمد (١/ ١٦٨) من طريق محمد بن أبي حميد عن إسماعيل بن محمد بن سعد عن أبيه عن جده به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. قلت: وهو من أوهامهما، فالحديث ذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (٢/ ٢٨٢) وقال: رواه أحمد، وأبو يعلى، والبزار ... وفيه محمد بن أبي حميد، قال ابن عدي: ضعفه بين على ما يرويه، وحديثه مقارب، وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وقد ضعفه أحمد والبخاري وجماعة. ومن طريق محمد بن أبي حميد: أخرجه الترمذيّ (٤/ ٤٥٥) كتاب القدر: باب ما جاء في الرضا بالقضاء، حديث (٢١٥١) بلفظ: «من سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله له، ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة اللهُ، وَمِنْ شَقَاوَةِ ابْنِ آدَمَ سَخَطُهُ بِمَا قضى الله له» . وقال الترمذيّ: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبي حميد، ويقال له أيضا: حماد بن أبي حميد، وهو أبو إبراهيم المدني، وليس هو بالقوي عند أهل الحديث.