وقوله تعالى: وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً أي: عُدُوْلَ الأممِ وأخيارَهَا، فيشهدوْنَ على الأمم بخيرِها وشرِّها، فيحقُّ العذابُ عَلى مَنْ شُهِدَ عليه بالكُفْرِ، وقيل له: على جهة الإعذار في المحاورة: هاتُوا بُرْهانَكُمْ، ومن هذه الآيةِ انْتُزِعَ قولُ القاضِي عند إرادة الحكم: أبقيت لك حجة.
وقوله تعالى: إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ ... الآية، كان قارونُ مِنْ قرابةِ مُوسى: ممن آمن بموسى وحَفظَ/ التوراةَ وكَانَ عند مُوْسَى عليه السلام مِنْ عُبَّادِ ٥٩ ب الْمُؤمِنين، ثم إنَّ الله أضَلَّهُ وبَغَى عَلى قَوْمِهِ بأَنْوَاعِ البَغْيِ مِنْ ذلكَ كُفْرُهُ بموسَى.
وقال الثَّعْلَبِيُّ: قال ابن المسيب: كانَ قارونُ عامِلاً لِفِرْعونَ عَلى بني إسرائيل ممنْ يبغي عليهم ويظلُمهم. قال قتادةُ: بَغَى عليهم بِكَثْرَةِ مالِهِ وولدِه «٢» ، انتهى.
ت: وما ذَكَرَهُ ابنُ المسيب، هو الذي يَصِحُّ في النظر لمتُأَمِّلِ الآية، ولولا الإطالة
(١) أخرجه ابن ماجه (١/ ٤٢٢) كتاب إقامة الصلاة: باب ما جاء في قيام الليل، حديث (١٣٣٢) ، والطبراني في «الصغير» (١/ ١٢١- ١٢٢) ، والبيهقي في «الشعب» (٤/ ١٨٣) رقم (٤٧٤٦) كلهم من طريق سنيد بن داود عن يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر به. وقال الطبراني: لم يروه عن محمد بن المنكدر إلا ابنه يوسف، تفرد به سنيد. قال الشوكاني في «الفوائد المجموعة» (ص ٣٥) : رواه ابن الجوزي عن جابر مرفوعا، وفي إسناده يوسف بن محمد بن المنكدر متروك. قال في «اللآلئ» : قال فيه أبو زرعة: صالح الحديث، وقال ابن عدي: أرجو أن لا بأس به. وقد أخرجه ابن ماجه من طريقه، وكذا الطبراني، والبيهقي في «شعب الإيمان» . (٢) أخرجه الطبريّ (١٠/ ١٠٠) رقم (٢٧٥٧٤) بنحوه، وذكره البغوي (٣/ ٤٥٤) بنحوه.