الذال، وفتح الكاف- وقرأها ابن عباس، ورَدَّهَا على قارئ قرأ عليه «يُكذبونك» بضم الياء، وقال: إنهم كانوا يسمونه الأَمِينَ.
وقرأ نافع والكسائي- بسكون الكاف، وتخفيف الذال-، وهما قراءتان مشهورتان صحيحتان، وهما بمعنى واحد، فمعنى: لا يكذبونك، أي: لا يعتقدون كذبك، وإنهم يعلمون صِدْقَكَ، ولكنهم يَجْحَدُونَ عنَاداً وظُلْماً، وهذا تأويل قتادة والسُّدي وغيرهما «١» .
وحكي عن طائفة من الكُفَّارِ أنها كانت تَقُولُ: إنا لنعلم أن محمداً صادق، ولكن إذا آمنَّا به فضلنا بنو هاشم بالنبوءة، فنحن لا نُؤْمِنُ به أَبَداً. رويت هذه المَقَالَةِ عن أَبِي جَهْلٍ «٢» ، ومن جرى مجراه.
وأسْنَدَ الطَّبَريُّ «٣» : «أن جِبْريلَ وجد النبي صلّى الله عليه وسلّم حَزِيناً فسأله، فقال: كذبني هؤلاء، فقَال: إنهم لا يكذبونك بل يعلمون أَنَّكَ صَادِقٌ ولكن الظالمين بآيات اللَّه يَجْحَدُونَ» وجَحْدُ العِنَادِ جائز الوقوع بمقتضى النظر، وظواهر القرآن تعطيه، ويَجْحَدُونَ: حِقِيقِتُهُ في كلام العرب الإنْكارُ بعد معرفة، وهو ضد الإقرار.
- (٢٥٧) ، و «الحجة» (٣/ ٣٠٢) ، و «إعراب القراءات» (١/ ١٥٥) ، و «العنوان» (٩٠) ، و «شرح الطيبة» (٤/ ٢٤٨) ، و «شرح شعلة» (٣٦٠) . (١) أخرجه الطبري (٥/ ١٨١) رقم (١٣١٩٥، ١٣١٩٦) ، بنحوه، وذكره البغوي (٢/ ٩٣، ٩٤) عن السدي، وذكره ابن عطية (٢/ ٢٨٦) ، وذكره ابن كثير (٢/ ١٢٩، ١٣٠) بنحوه، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ١٨) وعزاه لعبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة، ولابن أبي حاتم، عن الحسن بنحوه. (٢) عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي: أشد الناس عداوة للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وأحد سادات قريش، وأبطالها ودهاتها في الجاهلية، كان يقال له: أبو الحكم، كان عنيدا عنيفا، حتى كانت وقعة بدر الكبرى، فشهدها مع المشركين فكان من قتلاها سنة ٢ هـ. ينظر: «الكامل» (٢/ ١٢٧) ، و «فتح الباري» (٧/ ٢٩٣- ٢٩٦) ، «عيون الأخبار» (١/ ٢٣٠) ، «السيرة الحلبية» (٢/ ٣٣) ، «دائرة المعارف الإسلامية» (١/ ٣٢٢) ، «إمتاع الأسماع» (١/ ١٨) ، «الأعلام» (٥/ ٨٧) . (٣) أخرجه الطبري (٥/ ١٨٢) رقم (١٣٢٠٢، ١٣٢٠٣) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٢٨٧) بنحوه، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ١٩) ، وعزاه لابن جرير عن الضحاك، ولابن جرير، وابن المنذر عن ابن جريج بنحوه.