لُحُومَ الحُمُرِ الأنْسِيَّةِ «١» ، فتأول بعض الصحابة الحاضِرِينَ ذلك لأنها لم تخمَّس، وتأوَّل بعضهم أن ذلك لئَلاَّ تفنى حمولةُ النَّاس، وتأول بعضهم التحريمَ المَحْضَ، وثبت في الأمة الاختلافُ في لَحْمها، فجائز لِمَنْ ينظر من العلماءِ أنْ يحمل لفظ التحريمِ بحسب اجتهاده وقياسه على كراهية أو نحوها، وباقي الآية بيّن.
وقوله سبحانه: وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ... الآية: هذا خبر مِنَ اللَّهِ سبحانه يتضمَّن تكذيبَ اليَهُودِ في قولهم: «إن اللَّه لم يحرِّم علينا شيئاً، وإنما حرمنا على أنفسنا ما حَرَّمه إسرائيل على نفسه» ، وكُلَّ ذِي ظُفُرٍ: يراد به الإبلُ، والنَّعَام، والإوَزُّ ونحوه من الحيوانِ الذي هو غير مُنْفَرِجِ الأصابع، وله ظُفُر، وأخبرنا سبحانه في هذه الآية بتحريمِ الشحومِ عليهم، وهي الثُّرُوب وشَحْمُ الكلى، ومَا كان شحماً خالصاً خارجاً عن الاستثناء الذي في الآية، واختلف في تحريم ذلك على المسلمين من ذبائحهم، فعن مالكٍ: كراهيةُ شحومهم من غير تحريمٍ.
وقوله تعالى: إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُما، يريد: ما اختلط باللحْمِ في الظَّهْرِ والأجنابِ ونحوه، قال السُّدِّيُّ وأبو صالح: الأَلْيَاتُ ممَّا حملَتْ ظهورهما «٢» ، والحَوَايَا: ما تحوى في البَطْن، واستدار، وهي المَصَارِينُ والحُشْوة ونحوها، وقال ابن عباس وغيره:
هي المَبَاعِر «٣» ، وقوله: أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ، يريد: في سائر الشخص.
(١) في أ: الأهلية. (٢) أخرجه الطبري (٥/ ٣٨٤) برقم (١٤١١٢) عن السدي، و (١٤١١٣) عن أبي صالح، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٥٨) ، والسيوطي (٣/ ١٠١) وعزاه لابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن أبي صالح. (٣) أخرجه الطبري (٥/ ٣٨٤) برقم (١٤١١٤، ١٤١٢٤) عن ابن عباس، وبرقم (١٤١١٥، ١٤١١٦، ١٤١١٧) عن مجاهد، وبرقم (١٤١٢٠، ١٤١٢١) عن قتادة (١٤١١٩) ، (١٤١٢٠) عن سعيد بن-