وقوله سبحانه: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ... الآية، ذهب الجمهور: إلى أن الأمانةَ كلُّ شيء يُؤتمن الإنسانُ عليه من أمر ونهي وشأن دين ودنيا فالشرعُ/ كلّه أمانة ومعنى الآية: إنا عرضْنَا على هذه المخلوقاتِ العظام أن تحمل الأوامر ٧٧ ب والنَّواهي ولهَا الثوابُ إن أحْسَنَتْ، والعقابُ إن أساءت، فأبتْ هذه المخلوقاتُ وأشفقت، فيحتمل أن يكونَ هذا بِإدراكٍ يَخْلُقُه اللهُ لَهَا، ويُحْتَمَلُ أنْ يكونَ هذا العَرْضُ على مَنْ فِيها من الملائِكةِ، وحَمَلَ الإنسانُ الأمانةَ، أي: التزَمَ القِيامَ بِحَقِّهَا، وهو في ذلك ظَلُومٌ لِنَفْسِهِ جَهُولٌ بقدر مَا دخَل فيه وهذا هو تأويل ابنِ عباس وابن جبير. قال ابن عباس وأصحابه:
الْإِنْسانُ: النَّوعُ كلّه فعلى تأويلِ الجمهور يكونُ قولُهما في الآية الأخرى أَتَيْنا طائِعِينَ إجابةً لأَمْرٍ أُمِرْت بِهِ وتَكُونُ هذه الآيةُ إبايَةً وإشفاقاً مِنْ أَمْرٍ عُرِضَ عَلَيْهَا وخُيِّرَتْ فِيه.
(١) تقدم. (٢) أخرجه الطبريّ (١٠/ ٣٣٨) (٢٨٦٨٠) ، وذكره البغوي (٣/ ٥٤٦) ، وذكره ابن عطية (٤/ ٤٠١) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٢١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٤٢١) ، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه. (٣) أخرجه الطبريّ (١٠/ ٣٣٩) (٢٨٦٨٣) ، وذكره ابن عطية (٤/ ٤٠٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٢٢) والسيوطي في «الدر المنثور» وعزاه لسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري عن ابن عباس.