وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنا ... الآية، آيةُ وعيدٍ، والإلحاد: المَيْلُ، وهو هنا ميل عن الحَقِّ/ ومنه لَحْدُ المَيِّتِ لأنَّه في جانب، يقال: لَحَدَ الرَّجُلُ، وألحد بمَعْنًى.
واختلف في إلحادهم هذا: ما هو؟ فقال قتادة وغيره: هو إلحاد بالتكذيب «١» ، وقال مجاهد وغيره «٢» : هو بالمُكَاءِ والصفير واللغو الذي ذهبوا إليه، وقال ابن عباس: إلحادهم:
وقوله تعالى: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ وعيدٌ في صيغة الأمر بإجماع من أهل العلم.
وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ ... الآية: يريد ب الَّذِينَ كَفَرُوا قريشا، والذكر: القرآن بإجماع.
واختُلِفَ في الخبر عنهم: أين هو؟ فقالت فرقة: هو في قوله: أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [فصلت: ٤٤] ، ورُدَّ بكثرة الحائل، وأنَّ هنالك قوماً قد ذكروا بحسن رد قوله:«أولئك ينادون عليهم» ، وقالت فرقة: الخبر مُضمَرٌ، تقديره: إنَّ الذين كفروا بالذكر لما جاءهم، هَلَكُوا أو ضَلُّوا، وقيل: الخبر في قوله: وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ وهذا ضعيف لا يتجه، وقال عمرو بن عُبَيْدٍ: معناه في التفسير: إنَّ الذين كفروا بالذِّكْرِ لما جاءهم كفروا به، وإنه لكتاب عزيز قال ع «٤» : والذي يَحْسُنُ في هذا هو إضمار الخبر، ولكِنَّهُ عند قوم في غير هذا الموضع الذي قدَّره هؤلاء فيه وإنَّمَا هو بعد حَكِيمٍ حَمِيدٍ، وهو أشدّ
(١) أخرجه الطبري (١١/ ١١٥) برقم: (٣٠٥٦٢) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤/ ١١٦) ، وابن عطية (٥/ ١٨) ، وابن كثير (٤/ ١٠٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٦٨٨) ، وعزاه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد. [.....] (٢) أخرجه الطبري (١١/ ١١٥) برقم: (٣٠٥٦١) ، والبغوي في «تفسيره» (٤/ ١١٦) ، وابن عطية (٥/ ١٨) . (٣) أخرجه الطبري (١١/ ١١٥) برقم: (٣٠٥٦٥) ، وابن عطية (٥/ ١٨) ، وابن كثير (٤/ ١٠٢) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٦٨٧) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم. (٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٧/ ١٩) .