عبّاس «١» : نزلت في اليهود والمنافقين، وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ: هو قولهم: السَّامُ عليكم، يريدون الموتَ، ثم كشف اللَّه تعالى خُبْثَ طَوِيَّتِهِمْ والحُجَّةَ التي إليها يسترحون، وذلك أَنَّهُمْ كانوا يقولون: لو كان محمد نبيًّا لعذبنا بهذه الأقوال التي تسيئه، وجَهِلُوا أَنَّ أمرهم مُؤَخَّرٌ إلى عذاب جهنم.
وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ ... الآية: وصِيَّةٌ منه سبحانه للمؤمنين أَلاَّ يتناجوا بمكروه، وذلك عامٌّ في جميع الناس إلى يوم القيامة.
«ليحزن» - بضم الياء وكسر الزاي- والفعل مُسْنَدٌ إلى الشيطان، وقرأ أبو عمرو وغيره:
«لِيَحْزُنَ» - بفتح الياء وضم الزاي-، ثم أخبر تعالى أَنَّ الشيطان أو التناجي الذي هو منه، ليس بضارٍّ أحداً إلاَّ أَنْ يكونَ ضُرَّ بإذن اللَّه، أي: بأمره وقَدَرِهِ، ثم أمر بتوكّل المؤمنين عليه تبارك وتعالى.
وقوله تعالى:«يا أيّها الّذين آمنوا إذا قيل لكم تفسّحوا في المجلس ... » الآية، وقرأ عاصم «٣» : «في المَجَالِسِ» قال زيد بن أسلم وقتادة «٤» : هذه الآية نزلت بسبب تضايق الناس
(١) أخرجه الطبري (١٢/ ١٤) برقم: (٣٣٧٦٠) عن مجاهد، و (١٢/ ١٥) عن ابن عبّاس برقم: (٣٣٧٦٤) ، وذكره ابن عطية (٥/ ٢٧٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢٧٠) ، وعزاه لعبد الرزاق، وابن أبي حاتم، وابن مردويه. (٢) وقرأ بقراءة أبي عمرو- الحسن، وعاصم. ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٢٧٨) . (٣) يعني: جعله عاما في المجالس، وأما قراءة الباقين على التوحيد، فمعناها: في مجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خاصة. ينظر: «السبعة» (٦٢٩) ، و «الحجة» (٦/ ٢٨٠) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ٣٥٥) ، و «حجة القراءات» (٧٠٤) ، و «العنوان» (١٨٧) ، و «شرح الطيبة» (٦/ ٤٦) ، و «شرح شعلة» (٦٠٠) ، «إتحاف» (٢/ ٥٢٧) ، و «معاني القراءات» (٣/ ٦٠) . (٤) أخرجه الطبري (١٢/ ١٨) ، برقم: (٣٣٧٧٦) عن قتادة، وذكره البغوي (٤/ ٣١٩) ، وابن عطية (٥/ ٢٧٨) .